التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وقال نسوة في المدينة امرأت العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حبا إنا لنراها في ضلال مبين 30 فلما سمعت بمكرهن أرسلت إليهن وأعتدت لهن متكأ وآتت كل واحدة منهن سكينا وقالت اخرج عليهن فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن وقلن حاش لله ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم 31}

صفحة 3635 - الجزء 5

  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى أن قصتها شاعت، وما احتالت فيه، فقال سبحانه: «وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ» أي: جماعة من نساء مصر، وقيل: كانت امرأة الساقي، وامرأة الخباز، وامرأة صاحب الدواب، وامرأة الحاجب، وامرأة صاحب السجن، عن مقاتل، وقيل: إنها أطلعت النساء على ذلك حيث استعانت بهن ليحتلن لها، [ويكتمن] أمرها، فأظهرن ذلك، عن الأصم، وقيل: عيرنها بذلك لما سمعوا حديثها، وقلن هي مع جلالة محلها تدعو عبدها إلى نفسها «امْرَأَتُ الْعَزِيزِ» وهو زوجها «تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ» قيل: تريد عبدها الكنعاني لنفسها ليفجر بها «قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا» قيل: شغاف القلب علاقه، وهي جلدة عليه، يعني دخل حبه الجلد حتى أصاب القلب، عن السدي وأبي عبيد، وقيل: باطن القلب، عن الحسن، وقيل: وسط القلب، عن أبي علي، وقيل: حجب حبه قلبها حتى لا يعقل سواه، عن الكلبي «إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ» في خطأٍ بَيِّنٍ وذهاب عن طريق الرشد «فَلَمَّا سَمِعَتْ» راعيل «بِمَكْرِهِنَّ» بقولهن وعذلهن، وقيل: هو عيبهن لها في السر فسمي مكرًا اتساعًا، عن أبي مسلم، وقيل: حيلهن في تقبيح أمرها، عن أبي علي «أَرْسَلَتْ إِلَيهِنَّ» فاستضافتهن، قيل: أرادت إبلاء عذرها، وقيل: أرادت إيقاعهن فيما وقعت فيه، عن الأصم، قال وهب: وأخذت مأدبة، ودعت أربعين امرأة منهن «وَأَعْتَدَتْ» أي: أعدت «لَهُنَّ مُتَّكَأً» أي: مجلسًا، وما يتكأ عليه من النَّمارق والوسائد، والمتكأ: ما يتكأ عليه، عن ابن عباس، وأبي علي، وقيل: طعامًا، عن الحسن، وسعيد بن جبير، وقتادة، وابن إسحاق، وابن زيد، قال [القتبي]: والأصل فيه أن كل من دعوته ليطعم عندك، وأعددت له وسادة يسمى الطعام متكأ على الاستعارة، وقيل: متكأ أترجة، عن وهب، وقيل: إنه ليس بمعنى المتكأ، ولكنه محمول على أنها أتتهم بقوله في ذلك المجلس، وقيل: المتكا بالتخفيف الأترج، عن ابن عباس، وقيل: الزماورد، عن الضحاك «وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ