التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قالت فذلكن الذي لمتنني فيه ولقد راودته عن نفسه فاستعصم ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن وليكونا من الصاغرين 32 قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين 33 فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن إنه هو السميع العليم 34 ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين 35}

صفحة 3638 - الجزء 5

  ومنه: الصابئ بالهمز، وجمعه: صُبَّا على وزْن فُعَّال من صبأ، أي: مال من دين إلى دين.

  والبدو: الظهور، بدا يبدو بدوًا، والبداء في الرأي التلون؛ لأنه كلما ظهر له رأي مال معه، وفلان ذو بدوات.

  · الإعراب: النون في قوله: (لَيَكُونًا) نون التأكيد، وهي تخفف وتشدد، والنون في قوله: «لَيُسْجَنَنَّ» نون التأكيد، إلا أنه إذا وقف على المشدد ليسجنن، والوقف على قوله: (لَيَكُونًا) بالألف؛ لأنه بمنزلة التنوين في أنه يجب أن يكون حاله في الوقف، خلاف حاله في الوصل، تقول: رأيت رجلاً، فإذا وقفت قلت: رجلاَ، ومنه: (لَنَسْفَعًا) قال الأعشى:

  وصَلِّ عَلَيَّ حِينَ العَشِيَّاتِ والضُّحَى ... ولا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ وَاللَّهَ فَاعْبُدَا

  أراد فاعْبدن فوقف بالألف «قَال رب» أي: يا رب، وهذا نداء مفرد، ومحله رفع. «أصب إليهن» جواب المجازاة لقوله: «وإلا تصرف عني» ولذلك جزم، وإنما هو إنْ لا تصرف، فأدغمت النون في اللام. و «أكن» معطوف على «أصب».

  ويقال: «ليسجننه» هل هو فعل المؤنث؟

  قلنا: لا؛ لأنه لو كان فعل المؤنث، ودخل عليه نون التأكيد لصار [يَسْجُنَانِّهِ]، كقولك: يقتلانه، وأصل الفعل ليسجنَنَّ كقولهم: ليقتلَنَّ، ولهذا قال «بدا لهم» ولم يقل بدا لهن، وإنما جاز ذلك لاختلاط المذكر من أعوانها بالمؤنث، فغلب المذكر.

  يقال: ما متصرف (حتى)؟

  قلنا: على أربعة أوجه حرف جر، وحرف عطف، وناصبة للفعل، وحرف من