قوله تعالى: {قالت فذلكن الذي لمتنني فيه ولقد راودته عن نفسه فاستعصم ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن وليكونا من الصاغرين 32 قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين 33 فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن إنه هو السميع العليم 34 ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين 35}
  المحاسن والتزين بالزينة ولطف الكلام وغيره «أَصْبُ إِلَيهِنَّ» أميل إليهن، قيل: لأنهن أردنه، وقيل: لأنهن قلن له أطع مولاتك، وقيل: أَصب إلى قولهن في الدعاء إلى امرأة العزيز «وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ» يوم وعيدك، ومكاني من النبوة، وقيل: مع علمي بما في الفاحشة إذا ركبتها كان ذلك فعل الجهال لا فعل العلماء.
  ومتى قيل: ما معنى سؤال اللطف واللَّه تعالى يفعله لا محالة؟
  قلنا: لجواز أن تتعلق المصلحة بإعطائه عند الدعاء المتجدد.
  ومتي قيل: كيف علم أنه لولا اللطف لركب الفاحشة؟ وإذا وجد اللطف امتنع؟
  قلنا: لما في نفسه من الشهوة، وعلم أنه لولا لطفه لارتكب، وعلم أن اللَّه تعالى يعصم أنبياءه بالألطاف، وأن من لا يكون له لطف لا يبعثه اللَّه نبيًّا.
  «فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ» أي: أجاب، ومعناه: فعل ما سأل وهو إجابة الدعاء عند أبي علي؛ ولذلك يقال: فلان مستجاب الدعوة «فَصَرَفَ عَنْهُ كَيدَهُنَّ» حيلهن «إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ» لدعاء الداعي «الْعَلِيمُ» بإخلاصه، وبما يصلحه من الإجابة أو يفسده، وقيل: السميع بدعائه، العليم بمكرهن «ثُمَّ بَدَا لَهُمْ» ظهر لهن أي: لهذه المرأة وأعوانها لما غضبن عليه بعد الإياس عنه فغلّب المذكر على المؤنث، وقيل: هو فعل العزيز وأصحابه، عن الحسن، وأبي علي. «مِنْ بَعْد مَا رَأَوُا الآياتِ» أي: عاينوا، قيل: هو ما دلهم على براءة يوسف، عن أبي علي، وأبي مسلم، وقيل: أراد العلامات الدالة على الإياس منه، وقيل: الآيات: قد القميص، وقطع الأيدي، والاستعصام، عن قتادة.
  «لَيَسْجُنُنَّهُ» أي: يحبسونه. حلفت المرأة لأسجننه؛ لذلك أدخل نون القسم، قيل: إن المرأة قالت لزوجها: إن هذا العبد فضحني، ولا أقدر على الاعتذار، فإما أن تحبسه أو تأذن لي فأعتذر، فعثد ذلك حبسه، وقيل: حبسه لئلا تصل إليه المرأة، وقيل: أرادوا توريك الذنب عليه، وإزالته عنها فحبسوه، عن أبي مسلم، وقيل: كان