قوله تعالى: {ودخل معه السجن فتيان قال أحدهما إني أراني أعصر خمرا وقال الآخر إني أراني أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين 36 قال لا يأتيكما طعام ترزقانه إلا نبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما ذلكما مما علمني ربي إني تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله وهم بالآخرة هم كافرون 37 واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب ما كان لنا أن نشرك بالله من شيء ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون 38}
  عن الحسن، والأصم، وأبي علي، وهو اختيار القاضي، وقيل: «لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا» بتفسيره وألوانه أي طعام أكلتم ولم أكلتم، ومتى أكلتم، عن أبي علي «ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي» قيل: قالا له: كيف عرفت تأويل الرؤيا، ولست بساحر ولا كاهن ولا عراف؟ فأخبرهما أنه رسول اللَّه، وأنه تعالى علمه ذلك، وقيل: علمني ربي معجزة لنبوتي يعني علم الغيب «إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ» أي: دين قوم «لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ» وبتوحيده «وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ» يعني بالبعث والجزاء «وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ [آبَائي] إِبْرَاهِيمَ وَإسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ» في الإيمان بِاللَّهِ واليوم الآخر «مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ» أي: لا ينبغي لنا ونحن محل النبوة ومعدن الرسالة أن ندين بغير التوحيد، فبدأ بدعائهم إلى التوحيد، وعبادة اللَّه و «ذَلِكَ» يعني التمسك بالتوحيد والبراءة من الشرك «مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَينَا وَعَلَى النَّاسِ» أي: على المكلفين؛ لأنه كلفهم ومكنهم، وهداهم، وبين لهم ونصب الأدلة، ثم أثابهم على طاعته، وقيل: فضل اللَّه علينا إذ جعلنا أنبياء وعلى الناس أن جعلنا عليهم رسلاً، عن ابن عباسٍ «وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ» هذه النعم.
  · الأحكام: تدل الآية على نبوة يوسف؛ لأن علم الغيب معجزة له.
  وتدل على علمه بتعبير الرؤيا، وكان تعبيره على القطع؛ لأنه يعبر عن وحي.
  وتدل على صحة الرؤيا، خلاف ما قال بعضهم.
  وتدل على وجوب الدعاء إلى الدين عند وجود الفرصة، كما فعله يوسف #.
  وتدل على أن العلم والدين من فضل اللَّه على الناس.
  وتدل على أن الإخبار وترك الشرك فعله؛ لذلك أضافه إلى نفسه، فيفسد قولهم في المخلوق.