قوله تعالى: {ياصاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار 39 ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون 40 ياصاحبي السجن أما أحدكما فيسقي ربه خمرا وأما الآخر فيصلب فتأكل الطير من رأسه قضي الأمر الذي فيه تستفتيان 41 وقال للذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك فأنساه الشيطان ذكر ربه فلبث في السجن بضع سنين 42}
  ومتى قيل: هل يجوز ما روي أنه بقي في السجن لأجل هذه الكلمة.؟
  قلنا: روي ذلك، فإن صح، فالوجه فيه أنه ابتلاء لتشديد المحنة، ولأنه المصلحة، ولا يجوز أن يقال: إنه عقوبة؛ لأنه لا يستحق العقوبة.
  وعن ابن عباس: أن يوسف # عثر ثلاث عثرات:
  إحداها: حين قال: «اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ» «فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ».
  والثاني: حين هَمَّ بها فحبس.
  والثالث: قوله: «إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ» فقالوا: «إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ».
  وروي أن جبريل أتاه فقال: يا يوسف، اشتد عليك الحبس؟ قال: نعم، قال: «قل اللهم اجعل لي من كل أمر همني وأحزنني من أمر ديني وآخرتي فرجًا ومخرجًا، وارزقني من حيث لا أحتسب».
  · الأحكام: تدل الآية أن القوم كانوا يعبدون الأصنام.
  وتدل على أن الواجب البداية بالأهم، وهو الدعاء إلى الدين والتوحيد لذلك بدأ به بعد ظهور المعجزة، وأَخَّرَ تعبير الرؤيا.
  وتدل على أن ما لا ينفع ولا يضر لا يستحق العبادة، ولا تجوز عبادته.
  وتدل على أن ما لا حجة فيه لا يصح التمسك به.
  وتدل على أن العبادة لا تصح إلا بأمره.
  وتدل على أن ما عبَّره صدر عن وحي؛ لذلك قطع، ولهذا حمل شيخنا أبو علي الظن على العلم، قال أبو علي: وكان ذلك من معجزاته، أن معنى الرؤيا قطع، وتكون كما خَبَّرَ.