التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وقال الملك ائتوني به فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن إن ربي بكيدهن عليم 50 قال ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه قلن حاش لله ما علمنا عليه من سوء قالت امرأت العزيز الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين 51 ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب وأن الله لا يهدي كيد الخائنين 52 وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم 53}

صفحة 3661 - الجزء 5

  للعهد أي: نفسي كذلك، وقد تقدم ذكره، أمَّارة «فَعَّالَة» من الأمر. و «إلا ما رحم» استثناء.

  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى إخراج يوسف من السجن، وما ظهر من براءته، فقال سبحانه: «وَقَال الْمَلِكُ» وفي الكلام حذف يدل عليه ما بقي، كأنه قيل: لما رجع الساقي إلى الملك وأخبره بحديث يوسف وتعبير الرؤيا قال الملك «ائْتُونِي بِهِ» يعني بيوسف الذي عبر رؤياي، «فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ» يعني رسول الملك إلى يوسف، وقال: أجب الملك فـ «قَال» يوسف «ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ» أي: سيدك، وهو الملك. «فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ» ما شأنهن على تهمتي أم لا؟ عن الأصم، وقيل: ما ذنبي في النسوة، وقيل: ما شأنهن هل ظهر أني بريء، وأنهن دعونني إلى الفساد، عن أبي علي، قال ابن عباس: إن خرج يوسف من السجن يومئذ قبل أن يعلم الملك شأنه ما زالت في نفس العزيز منه حاجة، يقول: هذا الذي راود امرأتي، وقيل: ما أحب أن يخرج حتى يعلم طهارته وعصمته وبراءته مما قذف به، وأنه حبس بظلم، وقيل: طلب العذر، عن قتادة «إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ» قيل: إن اللَّه بكيدهن عالم، عن أبي علي، وقيل: إنما عنى: سيدي العزيز بكيدهن عليم، استشهدوه بما علم من حاله، عن أبي مسلم، والأول الوجه، «قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ» وفي الكلام حذف يعني لما سمع الملك ذلك دعاهن، ودعا امرأة العزيز، وقال لهن: ما خطبكن أي: ما شأنكن، وما أمركن، وما أمر يوسف، وإنما لم يفرد امرأة العزيز، قيل: لحسن الأدب، وقيل: لأنه أراد منهن أن يخبرنه ليثق به «إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ» يعني عياذًا بِاللَّهِ وتنزيهًا من هذا الأمر وأن نقول علية سوءًا «مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ» فاعترفن ببراءته، وأنهن ظلمنه وحبس مظلومًا و «قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ» قيل: تبين وظهر، عن ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، كأن معناه: انقطع الباطل