التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم 105}

صفحة 535 - الجزء 1

  مِنَ الْأَوْثَانِ} والثانية التي مع خَيْرٍ فهي زائدة مؤكدة، كقولك: ما أتاني من أحد، وموضعها رفع، والثالثة في «من ربكم» فلابتداء الغاية.

  · النزول: قيل: روي أن المسلمين كانوا يقولون لليهود: آمنوا بمحمد ÷ وما أنزل عليه، فقالوا: ما هذا الذي يدعونا إليه خير مما نحن عليه، ووددنا إن كان خيرًا، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية تكذيبًا.

  · المعنى: هذا أيضًا إخبار عن اليهود، فقال تعالى: «مَا يَوَدُّ» يعني ما يحب وما يريد «الَّذِينَ كفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَاب» قيل: أراد اليهود، ويحتمل اليهود والنصارى «وَلاَ الْمُشْرِكِينَ» يعني مشركي العربَ «أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيكُمْ» يعني محمدًا وأصحابه، وقيل: أراد محمدًا، وكنى عنه بلفظ الجمع تعظيمًا «مِنْ خَيرٍ مِنْ رَبِّكمْ» قيل: الوحي المنزل، عن الحسن وغيره، وقيل: الكتاب والحكمة، عن الأصم «وَاللَّهُ يَخْتَصُّ» أي يتفضل ويتفرد به «بِرَحْمَتِهِ» قيل: بالنبوة، عن الحسن وجماعة، وقيل: الإنعام بالثواب، وقيل: بالألطاف، وليس ذلك على أنه يمنع أحدًا ألطافه، ولكن يعطيه من يعلم أنه يصلح به، وقيل: يختص برسالته للأصلح، ولا يقف على شهوات الخلق واقتراحهم «وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ» يعني أن كل نعمة وفضل دينًا ودنيا، فمنه تعالى ابتداء خَلَقَهُ به من غير استحقاقٍ سلف، فهو عظيم النعم والفضل.

  · الأحكام: الآية تدل على أنه تعالى يبعث من هو أصلح، وأقرب إلى القبول، ولا يبعث مما يتمناه الخلق.

  ويدل على أن فضله عظيم، فيفعل بعباده ما هو أصلح في دينهم.