قوله تعالى: {وجاء إخوة يوسف فدخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون 58 ولما جهزهم بجهازهم قال ائتوني بأخ لكم من أبيكم ألا ترون أني أوفي الكيل وأنا خير المنزلين 59 فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي ولا تقربون 60 قالوا سنراود عنه أباه وإنا لفاعلون 61 وقال لفتيانه اجعلوا بضاعتهم في رحالهم لعلهم يعرفونها إذا انقلبوا إلى أهلهم لعلهم يرجعون 62}
  والفتى: الشاب القوي، وجمعه: فتيان وفتية.
  والبضاعة: القطعة من مال الرجل، واستبضعت الشيء: جعلته بضاعة، وأصل البضع: القطع، ومنه: المبضع؛ لأنه يقطع به.
  والرحل: أوعية المتاع، وجمعه للتكثير: رِحَالٌ، وللقليل: أَرْحُلُ، قال ابن الأنباري: يقال للوعاء: رَحْلٌ، وللمسكن: رحل، وأصله: المعَدّ للرَّحْل.
  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى أنه لما تمكن يوسف بمصر، ودخلت السنون المجدبة، وأصاب الناس الجوع، وقصدوا مصر، فنزل بآل يعقوب ما نزل بالناس، فأرسل بنيه إلى مصر ليمتاروا من مصر كما يمتار غيرهم، عن السدي، وابن إسحاق «فَدَخَلُوا عَلَيْهِ» أي: على يوسف، وهم عشرة؛ لأنه أمسك عنده بنيامين «فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ» قيل: إنما أنكروا لطول العهد، فإن ما بين أن فارقوه حتى دخلوا عليه أربعين سنة، عن ابن عباس، وقيل: لأن سبب التغير فيه أكثر، لأنه كبر والتحى، وكان فارقهم صغيرًا، عن القاضي، وقيل: لأنه تزيا بزينة الملك جالسًا على السرير في عنقه طوق ذهب، وقيل: إنه تعالى أذهلهم عن معرفته حتى لا يهيموا في الأرض من فرط الحياء مما جَنَوْا عليه، وكان فيه مفسدة، وقيل: لأنهم باعوه مملوكًا صغيرًا، ثم رأوه ملكًا كبيرًا، عن أبي علي، وقيل: كان بينه وبينهم ستر «وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ» قيل: سألهم عن حالهم فقالوا: نحن قوم من أرض الشام جئنا نمتار لما أصابنا الجدب، فقال: لعلكم جواسيس، جئتم تنظرون عورة هذه البلاد؟ قالوا: لا، نحن بنو أب واحد، وهو شيخ صدِّيق يقال له: يعقوب، نبي من أنبياء اللَّه، قال: كم كنتم؟ قالوا: كنا اثني عشر، ذهب أخ لنا، وكان أحب إلى أبينا، قال: فإلى من يسكن أبوكم بعده، قالوا: أخ لنا أصغر منه، قال: كم أنتم ههنا؟ قالوا: عشرة، قال: