قوله تعالى: {قالوا فما جزاؤه إن كنتم كاذبين 74 قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه كذلك نجزي الظالمين 75 فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ثم استخرجها من وعاء أخيه كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك إلا أن يشاء الله نرفع درجات من نشاء وفوق كل ذي علم عليم 76}
  ألهمنا، عن الربيع، وقيل: أردنا، عن الأنباري، وأبي مسلم، وقيل: دبرنا، ولقال للتدبير الخفي إنه كاده، ويُقال: كدت بمعنى أردت، وقيل: الكيد أن يؤتى من حيث لا يعلم، فلما أتاهم الحادثة من حيث لم يظنوه سمي كيدًا، وتقديره: كذلك كدنا إخوته له بما دبرنا في أمرهم من حيث يخفى عليهم حتى ضم أخاه إلى نفسه. «مَا كَان لِيَأْخُذَ أَخَاهُ» بنيامين، ويضمه إلى نفسه «فِي دِينِ الْمَلِكِ» في عادته عن جزاء مَنْ سرق أن يستعبد، قيل: كان عادة، ولولا هذه الحيلة لما أمكنه من أخذ أخيه، وقيل: في دينه أي: في حكمه وقضائه، عن قتادة، وقيل: في سلطانه، عن ابن عباس «إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ» قيل: ما كان له سبيل إلى أخذه إلا بهذه الحيلة والسبب وإلا كان الملك لا يمكنه، وقيل: ما كان له سبيل حتى وجد السبيل بما جرى على لسان إخوته أن جزاء السارق الاسترقاق، ورضوا بذلك، ولم يكن ذلك حكم الملك، وكان ذلك مراد يوسف، وشاءه اللَّه؛ لأنه بأمره، عن الحسن، وقيل: لولا رضاهم بحكم الملك بالاسترقاق وأمر اللَّه تعالى له بذلك لما وجد إلى ذلك سبيلاً، فإن الملك كان لا يمكنه، وقيل: ما كان ليوسف ترك دين بني إسرائيل والأخذ بحكم الملك إلا أن يشاء اللَّه، فيأذن له فيه، عن الأصم، وقيل: إنما أخذه بقولهم، لا بحكم الملك «نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ» بالعلم والنبوة، كما رفعنا درجة يوسف على إخوته، وقيل: بالألطاف الجميلة، ونريه وجوه الصواب في بلوغ المراد، وقيل: نرفع درجات من نشاء في الدنيا بالنبوة والعلم، وفي الآخرة بالثواب، عن الأصم «وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ» قيل: فوق كل عالم عليم، حتى ينتهى إلى الغني بنفسه عن التعليم، منه بدأ وإليه يعود، عن ابن عباس، والحسن، وسعيد بن جبير، وقتادة، وقيل: فوق كل ذي علم عليم ممن رفعه اللَّه، عليم قد رفعه من وجه آخر بالعلم، فهو أعلم بذلك الأمر الآخر، وقيل: للمبالغة فهو تعالى عليم لعلمه بكل معلوم، وغيره عالم؛ لأنه يعلم بعضها، وقيل: فوق كل ذي علم عليم أي: من يعلم بعلم، فلا بد فوقه عليم لا بعلم، بل عليم لذاته وهو اللَّه تعالى.