التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قالوا فما جزاؤه إن كنتم كاذبين 74 قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه كذلك نجزي الظالمين 75 فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ثم استخرجها من وعاء أخيه كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك إلا أن يشاء الله نرفع درجات من نشاء وفوق كل ذي علم عليم 76}

صفحة 3689 - الجزء 5

  والثاني: أن يكون ذلك على عادة الملك في أهل الجنايات لمصالح العباد.

  «قَالُوا» يعني إخوة يوسف «جَزَاؤُهُ» أي: جزاء السرقة «مَن وُجِدَ فِي رَحْلِهِ» أخْذُهُ واسترقاقه «فَهُوَ جَزَاؤُهُ» عندنا كما هو جزاؤه عندكم، وللمفسرين فيه أقوال:

  الأول: أن الاسترقاق كان عند الفريقين بني إسرائيل والملك، كان عادتهم أن يسترقوا السارق، عن الحسن، ومعمر، والسدي، وابن إسحاق، وأبي علي. وقيل: كان يسترق سنة، وكذلك كان سُنَّة آل يعقوب في السارق.

  والثاني: كان جزاء السرقة في بني إسرائيل الضمان، وعند الملك الاسترقاق، عن الأصم وجماعة، وقيل: كان في بني إسرائيل جزاؤه ضمان مثلين، وفيما بين القبط الاسترقاق، فهم للمبالغة في البراءة رضوا بالاسترقاق إن صح عليهم السرقة.

  الثالث: كان حكم السارق بأرض كنعان أنه يسترق ويستخدم على قدر سرقته، وفي دين الملك الضرب والضمان، عن الضحاك، وقيل: كان الحكم بأرض مصر أن يضرب ويغرم ضعف ما سرق.

  الرابع: «قَالُوا جَزَاؤُه» يعني: جزاء ذلك يجب على من وُجد في رحله لهذا الفعل جزاؤه، فمن وجد في رحله يجب أن يجزى بذلك الجزاء، عن أبي مسلم، وقيل: سألهم يوسف: ما جزاء السارق عندكم؟ قالوا: يؤخذ بسرقته.

  «كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ» قيل: بالاسترقاق، عن أبي علي وغيره، وقيل: نجزي المستحق، ولا نأخذ به، عن أبي مسلم «فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ». قيل: قالوا: لا بد من تفتيش، وانصرف بهم إلى يوسف «فَبَدَأَ بأَوْعِيَتِهِمْ» قيل: يوسف، وقيل: غيره، فتشها «قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ» بنيامين، قال: ما أظن أن هذا أخذ شيئًا، قالوا: لا بد أن يفتش فإنه أطيب لنفسك وأنفسنا، فلما فتحوه أخرجوه منها، فذلك قوله: «ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا» أي: استخرج السقاية، وقيل: الصاع «مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ» التي فيها متاعه «كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ» أي: كما فعلوا في الابتداء فعلنا بهم، وقيل: أمرنا بأن يحتال ليحبس أخاه عنده، عن أبي علي، ومعنى «كدنا» قيل: صنعنا، عن ابن عباس، وقيل: