قوله تعالى: {قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم قال أنتم شر مكانا والله أعلم بما تصفون 77 قالوا ياأيها العزيز إن له أبا شيخا كبيرا فخذ أحدنا مكانه إنا نراك من المحسنين 78 قال معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده إنا إذا لظالمون 79}
  · الإعراب: «مَعَاذَ اللَّهِ» نصب على المصدر، وكذلك تفعل العرب في كل مصدر، وضعته موضع «يَفْعَلُ»، و «نَفْعَلُ» و «أَفعَلُ»، فإنها تنصبه، كقولهم: حمدًا لله، وشكرًا لله، يعني أحمده وأشكره.
  والهاء في قوله: «فأسرها» يرجع إلى محذوف أي: أسر الكلمة، أو المقالة.
  · المعنى: ثم بَيَّنَ ما جرى بعد وجود الصواع، فقال سبحانه: «قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ» قيل: لما أخرج الصاع من رحله، قالت إخوته له: لماذا صنعت؟ فضحتنا، قال: لا علم عندي بذلك، وضع الصواع في رحلي من وضع البضاعة في رحلكم، فقالوا ليوسف: «إِنْ يَسْرِقْ» هذا «فَقَدْ سَرَقَ أَخ لَهُ» يعني: من أمه «مِنْ قَبْلُ» يعنون يوسف.
  واختلفوا في السرقة التي وصفوا بها يوسف على أقوال:
  الأول: قيل: سرق صنمًا لجده من قبل أمه، وكسره وألقاه على الطريق، عن سعيد بن جبير، وقتادة، وابن زيد، وقيل: لخالة له، عن ابن جريج، وقال الكلبي: بعثته أمه لما أرادت الرحيل مع يعقوب إلى فلسطين أن يأتيها بصنم لأبيها من ذهب، ليكن إذا فقدها أبوها أسلم، فأخذها، وجاء بها إلى أمه.
  وثانيها: أنه كان يسرق الطعام من المائدة ويعطيها المساكين، عن وهب، وقيل: سرق بيضة وأعطاها المساكين، عن مجاهد، وقيل: دجاجة، عن نصر بن عيينة.
  الثالث: أن عمته خبأت منطقة إسحاق في ثيابه، وكان عندها وتحبه، ولا تريد مفارقته، فنسب إلى ذلك بإخفاء المنطقة بمقامه عندها، عن ابن عباس، والضحاك، وأبي علي. ولم يكن يعقوب يسترده منها حتى ماتت، وقيل: بل كذبوا عليه، وبهتوه،