التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قالوا تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين 91 قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين 92 اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيرا وأتوني بأهلكم أجمعين 93}

صفحة 3710 - الجزء 5

  والخطيئة: إزالة الشيء عن جهته إلى ما لا يصلح فيه، خطئ خطأً فهو خاطئ، والفرق بين خَطِئَ وأخطأ: أن خَطِئَ تعمد إزالة الشيء عن جهته إلى ما يصلح فيه، خَطِئَ خِطْئًا فهو خاطئ والفرق بين أخطأ إذا أذنب.

  والثَّرْب: اللوم والإفساد والتقرير بالذنب، والثرب: الشحمة الرقيقة في الجوف، وجمعها: ثروب، والأثارب جمع الجمع، ومنه: الحديث: «نهى عن الصلاة إذا صارت الشمس كالأثارب» يعني تصرفت وخصت مواضع دون مواضع، شبهت بسماحيق الشحم، وقيل: أصله الإفساد، عن أبي عبيدة، قال الشاعر:

  فَعَفَوْتُ عَنهُمْ عَفْوَ غَيْرِ مُثَرِّبٍ ... وتَرَكْتُهمْ لِعِقَابِ يَوْمٍ سَرْمَدِ

  قال ثعلب: يقال: ثَرَّبَ فلان على فلان إذا عدد عليه ذنوبه، قال أبو مسلم: التثريب مأخوذ من الثرب، وهو شحم الجوف، فكأنه موضوع للمبالغة في اللوم والتعنيف، والتقصي إلى أبعد غاياتها.

  · الإعراب: «خاطئين» نصب؛ لأنه خبر (كان)، ونصب «لا تثريب» على التثربة، و (اليوم) نصب على الظرف، ويجوز فيه الرفع، أما النصب فعلى النفي، وأما الرفع فعلى تقدير: ليس بتثريب.

  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى اعترافهم بالخطأ في أمر يوسف، وعفو يوسف عنهم، فقال سبحانه: «قَالُوا» يعني إخوة يوسف «تَاللَّهِ» [قَسَمٌ] «لَقَدْ آثَرَكَ اللَّه عَلَينَا»: اختارك وفضلك بالعلم والحكم والملك «وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ» قيل: مخطئين في كتمان أمر يوسف لأبيهم، عن أبي علي، وقيل: مذنبين، وقيل: خاطئين بيننا وبينك، عن الأصم.