التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولما فصلت العير قال أبوهم إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون 94 قالوا تالله إنك لفي ضلالك القديم 95 فلما أن جاء البشير ألقاه على وجهه فارتد بصيرا قال ألم أقل لكم إني أعلم من الله ما لا تعلمون 96 قالوا ياأبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين 97 قال سوف أستغفر لكم ربي إنه هو الغفور الرحيم 98}

صفحة 3714 - الجزء 5

  أي: أفسد.

  والضلال: الذهاب عن جهة الصواب، يقال: ضل عن الطريق، وضل عن الدين ذم، وعند الإطلاق في الشرع يعرف الضلال من الدين، ويسمى الضلال قديمًا للمبالغة في الصفة، كقوله: {كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ}.

  والبشير: الآتي بالبشارة العظيمة لما في «فَعِيل» من المبالغة.

  والارتداد: انقلاب الشيء إلى حال كان عليه، ومنه: الردة.

  · الإعراب: يقال: ما موضع (أنْ) في قوله: «فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ».

  قلنا: لا موضع لها؛ لأنها ترد مع (لما) و (حتى) للتوكيد وصلة، كقوله: {وَلمَّا جَاءَتْ رُسُلنُا} وقال في موضع آخر: {وَلمَّا أَن جَاءَتْ رُسُلنُا}.

  · المعنى: بَيَّنَ تعالى ما جرى عليه أمر يعقوب في القميص، فقال تعالى: «وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ» أي: خرجت القافلة من مصر متوجهة إلى كنعان «قَالَ أَبُوهُمْ» يعقوب لأولاد أولاده؛ لأن أولاده كانوا بمصر مع الرفقة «إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ» فيه قولان:

  أولهما: هذا الريح المعروف بعينه، وهو حركة الجو عند أكثر المفسرين، ثم اختلف هَؤُلَاءِ فقيل: جاءت الريح برائحة يوسف من ثماني ليال، عن ابن عباس، وقيل: من مسيرة شهر، عن الحسن، والأصم، وقيل: ثمانين فرسخًا، عن الحسن، وقيل: من مسيرة ثلاثة أيام، عن مجاهد، وقيل: أوصل اللَّه إليه الريح معجزة ليوسف ليعلم يعقوب أن محنته تناهت، وليكون لطفًا له لِيَقِلَّ حزنه، وليكون بشارة بلقاء يوسف وحياته.