التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين 108 وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم ولدار الآخرة خير للذين اتقوا أفلا تعقلون 109}

صفحة 3727 - الجزء 5

  · المعنى: ثم أمر تعالى نبيه ÷ أن يبين ما يدعو إليه، فقال سبحانه: «قُلْ» يا محمد «هَذِهِ سَبِيلِي» أي: طريقي وقيل: سنتي ومنهاجي، عن ابن زيد، وقيل: دعوتي، عن الربيعِ، والضحاك، وقيل: ديني، عن مقاتل، وأبي علي، ثم فسر ذلك، فقال سبحانه: «أدْعُو إِلَى اللَّهِ» إلى توحيده وعدله ودينه «عَلَى بَصِيرَةٍ» أي: يقين ومعرفة، يعني أدعوهم بحجة لا على وجه التقليد والإلف «وَمَنِ اتَّبَعَنِي» أي: آمن بي وصدقني فهو يدعو وهم دعاة الحق، عن ابن زيد، والكلبي، وقيل: معناه أنا ومن اتبعني على بصيرة، وقيل: من اتبعهم أصحابه، عن ابن عباس «وَسُبْحَانَ اللَّهِ» تنزيه له عما أشركوا «وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ» به «وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ» يا محمد «إِلَّا رِجَالاً» لأنهم أتم عقلاً وفضلاً «مِنْ أَهْلِ الْقُرَى» دون أهل البوادي؛ لأنهم أعقل وأفضل، عن قتادة، وقيل: النَّفْسُ إليهم أسكن، وقيل: لم يبعث اللَّه نبيًّا من أهل البادية، ولا من الجن ولا من النساء، عن الحسن «أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ» يعني هَؤُلَاءِ المنكرين لنبوتك «فَيَنْظُرُوا كَيفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ» من الأمم المكذبين لرسلهم كيف أهلكناهم، كذلك سبيل هَؤُلَاءِ «وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيرٌ» قيل: الجنة وما فيها، وأضاف الدار إلى الآخرة لاختلاف اللفظين «خَيرٌ» أي: أفضل؛ لأن ما عدا الجنة بالإضافة إليها لا خير فيها، وقيل: هو خير لصفاء نعيمها ودوامها «لِلَّذِينَ اتَّقَوْا» المعاصي «أَفَلا [يَعْقِلُونَ]» يعلمون ويفهمون ما قيل لهم.

  · الأحكام: تدل الآية على أنه ÷ دعا إلى التوحيد والعدل، وكذلك الصحابة، لا كما يزعمه الجهال.

  وتدل على فضل الدعاء إلى اللَّه، وفضل الدعاة، ولهذا قال ÷: «العلماء أمناء الرسل على عباد اللَّه».