قوله تعالى: {وإن تعجب فعجب قولهم أإذا كنا ترابا أإنا لفي خلق جديد أولئك الذين كفروا بربهم وأولئك الأغلال في أعناقهم وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون 5}
  «أَإِذَا كُنَّا»، وقيل: إن تعجبا من تكذيبهم إياك بعدما كنت صادقًا أمينًا فأعجب من ذلك قولهم: «أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا» بعد الموت بالاستحالة «أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ» أي نعاد خلقًا جديدًا كما كنا قبل الموت، وموضع العجب هاهنا أشياء:
  منها: إنكارهم أن من قدر على الإيجاد قدر على الإعادة.
  ومنها: إنكارهم عدله لجواز التسوية بين المحسن والمسيء، [ولكأنَّ] ما يوجد في الدنيا من الآلام والمصائب عبثًا، [ولكأنَّ] التكليف لا يصح.
  «أُولَئِكَ» يعني منكري البعث «الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ» أي: جحدوا قدرة اللَّه على البعث «وَأُولَئِكَ الأَغْلالُ فِي أَعناقِهِمْ» قيل: كفرهم غل في أعناقهم، وقيل: الأغلال في أعناقهم يوم القيامة في النار، عن أبي علي. «وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ» الملازمون لها «هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ» دائمون.
  · الأحكام: تدل على قبح قولهم في إنكار البعث، وأنه كفر.
  ومتى قيل: كيف أنكروا البعث؟ وكيف تصح الإعادة؟
  قلنا: أنكروا أن يصيروا أحياء بعدما ماتوا وصاروا رميمًا، ويمكن أن يقال: أنكروا إعادتهم بعد الفناء، فالأول إنكار لجمع أجزائهم وخلق الحياة فيهم، والثاني إعادة أعيانهم بعد الفناء.
  وأما الإعادة ففيه خلاف، قال أبو علي: [كل ما] كان مقدورًا للقديم خاصة، ويصح عليه البقاء تصح الإعادة عليه، ولا تجوز الإعادة على ما لا يقدر عليه غيره تعالى.
  وقال أبو هاشم: كل ما كان مقدورًا له، وهو مما يبقى تصح عليه الإعادة.
  وقال القاضي: [كل ما] يبقى ولا يكون متولدًا، ويكون مقدرًا للقديم تصح عليه