قوله تعالى: {ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة وقد خلت من قبلهم المثلات وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم وإن ربك لشديد العقاب 6 ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه إنما أنت منذر ولكل قوم هاد 7}
  ولم يسألوا الخيرات وإنما أمهلوا للمصلحة والتعريض للتوبة «وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ» أي: مضت من قبلهم في الأمم التي عصت اللَّه، وكذبت الرسل «الْمَثُلَاتُ» العقوبات، عن أكثر المفسرين، وقيل: المثلات: الأمثال التي ضربها لهم، وقيل: هي المسخ القردة والخنازير، فَبَيَّنَ أنه تعالى يفعل ذلك بحسب المصلحة لا بحسب الاقتراح «وَإنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ» قيل: بتأخير العقاب عن أهل الشرك، فجعل التأخير مغفرة، عن أبي مسلم. وقيل: لذو مغفرة إذا تابوا، عن أبي علي. «وَإنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ» لمن أصر.
  ثم بَيَّنَ تعالى سوء طريقتهم من إنكار المعجزات واقتراح الآيات مع استعجال العذاب، فقال سبحانه: «وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ» أي: حجة على نبوته كما نزل على الأنبياء، عن الأصم. وقيل: سوى ما نزل، عن أبي علي. «إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ» مخوف «وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ» دَالٌّ يهديهم ويرشدهم، واختلفوا فيه على ستة أقوال:
  الأول: المنذر والهادي محمد ÷، عن الحسن، وقتادة، وأبي الضحى، وعكرمة، وأبي علي.
  الثاني: الهادي هو اللَّه والمنذر محمد ÷، عن ابن عباس، وسعيد بن جبير، والضحاك.
  الثالث: لكل أمة نبي يهديهم، وداع يرشدهم، عن ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، والزجاج، وابن زيد.
  الرابع: داع وقائد يدعوهم إلى الضلال، أو إلى الحق، عن الكلبي، وأبي صالح، وقتادة، والزجاج، وأبي العالية.
  الخامس: المنذر النبي ÷ والهادي علي #، عن ابن عباس.