التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من وال 11}

صفحة 3760 - الجزء 5

  ويقال: كيف يتصل قوله: «إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ» بما قبله؟

  قلنا: قيل: إنه يتعلق بقوله: [{وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ}] فبين أنه لا ينزل ذلك إلا والمعلوم من جميعهم التغيير، حتى لو علم أن فيهم من يؤمن أو يعقب مؤمنًا لا ينزل العذاب. وقيل: بل يتعلق بالسارب، فإنه إذا أتى بالمعصية بطل الحفظ وعوقب، وقيل: بل هو على الإطلاق.

  «وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا» أي: عذابًا، سماه به لأنه [يسوؤه]، وقيل: أراد الأمراض ونحوه، وليس بالوجه لأنه يرد من غير تغيير «فَلا مَرَدَّ لَهُ» أي: لا يرده أحد «وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ» قيل: ملجأ، وقيل: يلي أمرهم ويمنع العذاب منهم.

  · الأحكام: تدل الْآية على أنه تعالى وكل بالمكلف ملائكة، وقد أجمعوا على ذلك.

  ومتى قيل: فأي فائدة فيه؟

  قلنا: لطف لنا من حيث علمنا حفظ أعمالنا، وكتبته علينا، فنكون إلى الطاعة أقرب، ولحفظهم إيانا عن المهالك، وفيه نعمة عظيمة أنه إذا تصور أن معه ملائكة تشاهد أعماله، فيمتنع عن المعاصي، فيكون لطفًا من هذا الوجه أيضًا.

  ومتى قيل: فماذا يكتبون من الأعمال؟

  قلنا: قيل: كل الأعمال، ثم يمحو اللَّه ما يشاء من المباحات، ويثبت ما فيه ثواب أو عقاب، وقيل: بل لا يكتبون إلا الحسنات والسيئات.

  ويدل قوله: «إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ» على أنه لا يعذب أحدً إلا بذنب، فيدل على أنه لا يعذب أطفال المشركين.