التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من وال 11}

صفحة 3759 - الجزء 5

  «مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ» أي: يطوفون به كما يطوف الموكل بالحفظة، وقيل: يحفظون ما تقدم من عمله وتأخر إلى أن يموت، عن الأصم. وقيل: الأحراس يحرسونه، عن عكرمة، والضحاك، وأبي مسلم. «يَحْفَظُونَهُ» قيل: يحفظون عمله بأن يكتبوا ذلك، عن الحسن، وقيل: يحفظونه من وجوه المهالك والمعاصي والخواطر، وقيل: من الجن والإنس والهوام، وقيل: يحفظونه مما لم يُقدّر نزوله فإذا جاء المقدور بطل الحفظ، عن ابن عباس. ومعناه: أنهم لا يعلمون العواقب فيحفظونه فإذا جاء الأمر الحتم لا ينفع الحفظ «مِنْ أَمْرِ اللَّهِ» قيل: بأمر اللَّه، وحروف الصفات تتعاقب وتتبادل في كلام العرب، عن الحسن، وإبراهيم، ومجاهد، وقتادة، والأصم، وأبي علي، وروي ذلك عن ابن عباس، وقيل: «يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ» أي من المهالك والجن والهوام، عن مجاهد، وإبراهيم. وقيل: يحفظون عليه أمر اللَّه أي: الحسنات والسيئات، عن ابن جريج، وأبي علي. يعني بالإحصاء والكتابة، وقيل: فيه تقديم وتأخير؛ أي: له معقبات من أمر اللَّه وهم الملائكة يحفظونه من أمر اللَّه، عن ابن عباس. قيل: يحفظونه من أمر اللَّه الذي إذا نزل بقوم فلا مرد له ألبتَّة، وقيل: الحرس يحفظونه من أمر اللَّه، ولا ينفع، عن عكرمة، والضحاك. والهاء في قوله: «يَحْفَظُونَهُ» قيل: يرجع إلى السارب وهو الوجه، وقيل: إلى الرسول، عن ابن زيد. «إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ» من النعمة والحال الجميل بعذاب الاستئصال «حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ» بترك الشكر وعصيان اللَّه وظلم العباد، وقيل: أراد به أهل مكة آمَنَهم، وأطعمهم، فلم يشكروا فغيَّرَ اللَّه تعالى ذلك عليهم.