قوله تعالى: {له دعوة الحق والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه وما دعاء الكافرين إلا في ضلال 14 ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال 15}
  والآصال: واحدها أصيل، وجمعها: أُصُل، وآصال جمع الجمع، وهو العشي، كأنه قيل: أصل الليل الذي ينشأ منه لأنه مأخوذ من الأصل.
  · الإعراب: أضيف الدعوة إلى الحق، وإن كانت الدعوة هي الحق؛ لاختلاف الاسمين، كما يقال: مسجد الجامع، ومنه: {وَلَدَارُ الْآخِرَةِ}.
  · المعنى: لما بيّن تعالى فيما تقدم أنه شديد المحال في مجازاة من يجادل في اللَّه، بَيَّنَ حال من ينقطع إليه وحال من ينقطع إلى غيره، فقال تعالى: «لَهُ» أي: لله «دَعْوَةُ الْحَقِّ» قيل: كلمة الإخلاص شهادة أن لا إله إلا اللَّه، عن ابن عباس، وقتادة، وابن زيد. وقيل: اللَّه الحق من دعاه دعا الحق، عن الحسن. كأنه يومئ إلى أن عبادته والانقطاع إليه حق، وقيل: من دعاه فقد دعا حيًا قادرًا سميعًا، عالمًا، بصيرًا، فيكون دعاؤه حقًّا، ولا يذهب باطلاً، وقيل: عبادته الحق؛ لأن غيره لا يستحق العبادة، وقيل: هي الدعاء الذي يقع على وجه يؤمل فيه الإجابة؛ لأن الدعوة على هذا الوجه تكون مسموعة مستجابة، وقيل: {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ} ي الدعاء إلى الحق وهو الإسلام، والأوثان لا دعوة لهم ولا يجيبون إذا دعوا «وَالَّذِينَ يَدْعُونَ» يعني يدعون المشركين «مِنْ دُونِهِ» أي: من دون اللَّه فدعوا الأوثان أربابًا، وقيل: يدعونهم لحاجاتهم، عن الحسن. «لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ» أي: لا تجيبهم «بِشَيْءٍ» مما دعوا «إِلَّا كَبَاسِطِ كفَّيهِ إِلَى الْمَاءِ» شبه دعاء الأوثان بباسط كفه إلى الماء «لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ» واختلفوا في معناه، فقيل: كباسط كفيه إلى الماء يدعو الماء بلسانه ويشير إليه بيده فلا