التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {له دعوة الحق والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه وما دعاء الكافرين إلا في ضلال 14 ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال 15}

صفحة 3769 - الجزء 5

  فمدحهم بذلك، عن الأصم. وقيل: يخضع له المؤمن باختياره والكافر بما ينزل به من الأمور الدالة على أنه مقهور ذليل خاضع، وإن كان يجحد بلسانه نحو المرض والفقر والموت، عن أبي علي. قال القاضي: ولعله أقرب إلى المراد وأدل على القدرة، وأعم. «وَظِلالُهُمْ» يعني ظلال الساجدين، وقيل: المراد بالظلال نفس الأشخاص، عن الأصم، قال: أراد أنه دليل لا يمنع عليه ما يريد أن يتصرف فيه، وقيل: يسجد شخصه دون قلبه لأنه لا يريد بسجوده عبادة ربه من حيث يسجد مخافة، وقيل: المراد به الظلال أنها تسجد بسجود الأشخاص وتخضع حتى قال الحسن ومجاهد: الظل يسجد، والشخص لا يسجد، وقيل: الخضوع يظهر في ظله قبال الانحطاط والارتفاع غدوة وعشية فيجري بتدبير اللَّه تعالى، يقال: سجد البعير: إذا تطأطأ ليركب، وقيل: المراد به ما يصح به الظل صباحًا ومساءً فكل ذلك يخضع لله تعالى، ويدل على قدرته، عن أبي علي. «بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ» قيل: بالغداة والعشي، وهو ما بين العصر والمغرب، وقيل: الآصال بعد الزوال، عن أبي وائل.

  · الأحكام: تدل الآية على أن العبادة يستحقها اللَّه تعالى وأن ذلك واجب له دعوة الحق، وينفع ويضر، بخلاف الأوثان.

  وتدل على كمال قدرته في خضوع أهل السماوات والأرض له.

  وتدل على أن دعاء الكفار فعلهم فيبطل الجبر.

  واتفق القراء والفقهاء أن هاهنا سجدة تلاوة.