قوله تعالى: {قل من رب السماوات والأرض قل الله قل أفاتخذتم من دونه أولياء لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا قل هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كل شيء وهو الواحد القهار 16}
  لهَؤُلَاءِ الكفار «مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ» أي: خالقهما ومدبرهما فإذا استعجم عليهم الجواب ولا يمكنهم أن يقولوا الأصنام ف «قُلِ» أنت هو «اللَّهُ» فإنْ أقروا أنه اللَّه فقل أنت كذلك، عن الحسن. وقيل: فإن لم يعترفوا وجحدوا فقل أنت هو اللَّه، عن ابن عباس.
  ومتى قيل: كيف يكون هو السائل والمجيب والملزم بقوله: «قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ»؟
  قلنا: إذا كان المقصد بالحجاج ما تبين من بعد لم يمتنع ذلك فكأنه قيل: اللَّه هو الخالق فلماذا اتخذتم من دونه أولياء، ولأن الأمر الظاهر الذي لا يجيب الخصم إلا أنه لا يمتنع أن يبادر السائل إلى ذكره، ثم يورد الكلام عليه هربًا من التطويل، وتقريبًا لموضع الحجة، فصار في التقرير كأنه قيل: أليس اللَّه رب السماوات والأرض «قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَا» وقد علمتم أنهم لم يخلقوا كخلقه، وقيل: إنه أمره بذلك لأنهم كانوا يعترفون به فكان المقصد ما يورد بعده من الحجاج كأنه قيل: أليس اللَّه هو الخالق عندنا وعندكم قل أفاتخذتم من دونه أولياء، كأنه إذا قالوا اللَّه قيل كما تقولون، ثم «قُلْ» إلزامًا إلى الحجة: «أَفَاتَّخَدتُمْ» أي: كيف اتخذتم «مِنْ دُونِهِ» أي: من دون اللَّه «أَوْلِيَاءَ» قيل: أربابًا، عن ابن عباس، يعني الأصنام اتخذوها آلهة وعبدوها، وقيل: يدعون أنها تضر وتنفع، وتكون وليًّا وناصرًا «لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا» يعني هذه الأصنام لا تملك لنفسها ضرًا ولا نفعا ولو قصدت بالكسر لا تملك دفعًا فلأن لا تملك لغيرها أولى.