قوله تعالى: {قل من رب السماوات والأرض قل الله قل أفاتخذتم من دونه أولياء لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا قل هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كل شيء وهو الواحد القهار 16}
  وتدل على الحث على النظر بما ضرب من الأمثال، وعلى صحة الحجاج في الدين.
  وتدل على أن غيره لا يخلق شيئًا يشبه خلقه بخلق غيره.
  وتدل على نفي ثان له؛ إذ لو كان له شريكًا لكان خلقه كخلقه.
  وتدل على أن قولنا: واحد، صفة مدح، فيقتضي أن المعنى الصحيح ما بدأنا به أولًا دون الثاني.
  ومتى قيل: أليس تدل على خلق الأفعال من وجوه:
  أحدها: أنه قال: {خَلَقُوا كَخَلْقِهِ} منكرًا لذلك، وعندكم الخلق تخلق كخلقه.
  وثانيها: قوله: {فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ} وعندكم قد يشتبه ذلك.
  وثالثها: قوله: {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} فأطلق، فعمومه يقتضي دخول أفعال العباد فيه.
  فجوابنا: أن الآية وردت احتجاجًا على الكفار وردًا عليهم في اتخاذهم أربابا، فوجب أن يكون معنى الآية ما يليق به ما لا يدفعه، ويكون حجة عليهم، وحمله على ما قال يؤدي إلى ذلك، كأنه يقول: لم اتخذتم من دون اللَّه أربابًا واللَّه تعالى خلق ذلك فيكم؟ ولو قال ذلك قالوا: كيف يفارقه، فيكون حجة عليه، وعلى ما نقوله كأنه قال لهم: لم اتخذتم من دون اللَّه ربًا وهو الخالق للسموات والأرض وجميع ما فيها من [النعم] والذي اتخذتم لا يملك نفعًا ولا ضرًّا فيتم الحجاج، وأيضًا فإنه وصف الشركاء بذلك، والشركاء جماد، لا فعل لهم، فلا ذكر لأفعال العباد فيه،