قوله تعالى: {الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق 20 والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب 21 والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ويدرءون بالحسنة السيئة أولئك لهم عقبى الدار 22 جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب 23 سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار 24}
  على اختلاف درجاتهم «وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ» قيل: من أبواب الجنة، عن ابن عباس، والحسن، والأصم، وأبي علي وجماعة. وعن النبي ÷: «أبواب الجنة ثمانية»، وقيل: من كل باب من أبواب الكرامة كباب الصلاة، وباب الزكاة، وباب الصوم والصبر، وقيل: من كل باب من أبواب الكرامة لهم «سَلامٌ عَلَيكُمْ» أي: ويقولون سلام عليكم بشارة منهم للمؤمِنِينَ بالسلامة والكرامة، ثم اختلفوا، فقيل: السلامة منهم، وقيل: من اللَّه سبحانه يبلغونه «بِمَا صَبَرْتُمْ» أي: هذه المنزلة والكرامة جزاء على ما صبرتم على التكليف. وطاعة اللَّه سبحانه «فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ» أي: نعم ما أعقبكم اللَّه بعد الدار الأولى، وقيل: نعم العاقبة في هذه الدار لكم، وهي الجنة، قال مقاتل: يدخلون في مقدار يوم وليلة من أيام الدنيا ثلاث مرات، معهم الهدايا والتحف يقولون: سلام عليكم بما صبرتم.
  · الأحكام: تدل الآية على أن الجنة لا تنال إلا باستكمال هذه الخصال، فيبطل قول المرجئة.
  وسئل بعض الأئمة عن صفة المؤمنين، فتلا هذه الآية؛ لأنها جامعة لخصال الإيمان.
  وتدل على عظيم منزلة أهل الجنة، وأن الملائكة تزورهم.
  وتدل على أن الذي ينفع من الاتصال وصله أهل الدين دون الأرحام.
  وتدل على تكامل نعم أهل الجنة فإن في الآية ثلاثة أشياء للمؤمنين:
  منها: الجنة ونعيمها، وبلوغ كل منية فيها.
  ومنها: اجتماع أهله معه، وذلك من عظيم النعم أن يجتمعوا، ويتذكروا أحوال الدنيا، ويشكروا اللَّه ويحمدوه على ما مَنَّ عليهم.
  ومنها: إكرام الملائكة إياهم بالسلام وغيره.