قوله تعالى: {الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق 20 والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب 21 والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ويدرءون بالحسنة السيئة أولئك لهم عقبى الدار 22 جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب 23 سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار 24}
  وقيل: السر ما يؤديه بنفسه، والعلانية ما يؤدي به إلى الإمام «وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ» قيل: يدفعون المعصية بالتوبة إذا أذنبوا، عن الأصم، وأبي مسلم. والمراد دفع عقابه لأن السيئة وقعت، عن القاضي. وقيل: يدفعون ما نالهم من الشر، أو نال غيرهم بالموعظة الحسنة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، عن أبي علي. وقيل: يدرؤون بحسنتهم سيئة غيرهم، عن ابن عباس وجماعة، ثم اختلفوا، فمنهم من قال: يحلمون إذا أخبروا عن الغير بغيبة وسعاية، ومنهم من قال: إذا ظلموا غفروا ولا يكافئون الشر بالشر، عن قتادة، وابن زيد، و [القتبي]. قال الحسن: إذا أحرموا أعطوا، وإذا ظلموا عفوا، وإذا قطعوا وصلوا «أُولَئِكَ» يعني من كان بهذه الصفة «لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ» يعني ثواب الجنة، فالدار الجنة عقباها التي هي العاقبة المحمودة، عن ابن عباس، والحسن، وأبي علي. وقيل: أعقبهم بطاعتهم الدار التي يقيمون فيها، عن الأصم. وقيل: لهم العاقبة الحسنة، عن أبي مسلم.
  ثم وصف الدار، فقال سبحانه: «جَنَّاتُ» أي: بساتين «عَدْنٍ» أي: إقامة تدوم، ولا تفنى، عن أبي علي. وقيل: هو الدرجة العليا، وسكانها الشهداء والصديقون، عن ابن عباس. وقيل: جنات عدن مدينة الجنة، فيها الأنبياء والأئمة والشهداء، عن الضحاك. وقيل: قصر من ذهب، لا يدخله إلا نبي أو صديق أو شهيد أو حَكَمٌ عدل، عن عبد اللَّه بن عمر، والحسن.
  ثم بَيَّنَ ما يتكامل به سرورهم من اجتماع قومه معه، فقال سبحانه: «يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ» أي: من كان صالحًا في الدين «وَأَزْوَاجِهِمْ» ولم يفصل بين زوج وزوجة، والأقرب أن المراد من مات عنها، أو ماتت عنه «وَذُرِّيَّاتِهِمْ» يعني أولادهم