التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى بل لله الأمر جميعا أفلم ييأس الذين آمنوا أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعا ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة أو تحل قريبا من دارهم حتى يأتي وعد الله إن الله لا يخلف الميعاد 31}

صفحة 3798 - الجزء 5

  أحدهما: أفلم يعلموا، الثاني: أفلم يَيْأسوا من إيمانهم لعلمهم أنهم لا يؤمنون، عن الفراء، والأصم.

  «أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا» قيل: إلي الإيمان على وجه الإلجاء، عن الحسن، وأبي مسلم، كقوله: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا} ولكن يخليهم لينالوا الثواب بطاعتهم، وقيل: إلى جنته بقدرته عليه، عن أبي علي، وأبي مسلم. «وَلا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا» قيل: أراد جميع الكفار، وقيل: أراد بعضهم، عن أبي مسلم، فهو عموم أريد به الخصوص «تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا» من كفرهم وتكذيبهم «قَارِعَةٌ» أي: مهلكة وعقوبة من قتل أو أسر «أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ» وقيل: أراد بالقارعة سرايا رسول اللَّه ÷، أو تحل أنت يا محمد بنفسك قريبًا من دارهم، عن ابن عباس، وسعيد بن جبير، وقتادة، ومجاهد، وعكرمة. فالتاء للخطاب، وقيل: التاء للتأنيث؛ أي: يصيبهم عذاب وهي القارعة «أَوْ تَحُلُّ» تلك القارعة «قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ» فتجاورهم حتى يحصل لهم المخافة من ذلك، عن الحسن، وقتادة، والأصم، وأبي علي، وأبي مسلم، والقاضي؛ لأن قوله: «تحل» يرجع إلى أقرب المذكور إليه وهي القارعة تكون أولى من ردده إلى ما لم يجر له ذكر في الآية «حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ» قيل: فتح مكة، عن ابن عباس، وقتادة، ومجاهد. وقيل: الظفر بهم وظهور دينه، عن الأصم. وقيل: القيامة، عن الحسن. وقيل: الموت أو العقاب، عن القاضي. وقيل: حلول الرسول بساحتهم «إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ» أي: لا يخلف ما وعد وأوعد.

  · الأحكام: في الآية تعظيم أمر القرآن، فتدل على أنه كلامه تعالى.