التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى بل لله الأمر جميعا أفلم ييأس الذين آمنوا أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعا ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة أو تحل قريبا من دارهم حتى يأتي وعد الله إن الله لا يخلف الميعاد 31}

صفحة 3797 - الجزء 5

  · المعنى: «وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ» فأذهبت عن وجه الأرض «أَوْ قُطِّعَتْ بِةِ الأَرْضُ» أي: شقت فجعلت أنهارًا وعيونًا «أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى» أو أحيي به الموتى وكلموا لكان هذا القرآن؛ أي: لو جعل ذلك لقرآن قبل هذا لفعل لقرآنكم، عن قتادة. «بَلْ لِلَّهِ الأَمْرُ جَمِيعًا» أي: الأمر في جميع الآيات إلى اللَّه فهو قادر على ما يشاء، إن شاء فعل، وإن لم يشأ لم يفعل، عن الأصم، وأبي مسلم. وقيل: الأمر إليه وإلى الذي يختاره، لكن يختار بحسب المصلحة، وقيل: يكفرون بِاللَّهِ وهو مالك أمورهم، عن أبي علي. «أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا» قيل: أفلم يعلموا وييأسوا، عن ابن عباس، والحسن، وقتادة، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وابن زيد، والمؤرج، وأبي مسلم. وقيل: أفلم ييأسوا من إيمان هَؤُلَاءِ علما بصحته، عن الفراء، والأصم. وهو صلة قوله: «وهم يكفرون»، عن الأصم. واختلف من قال: إن اليأس بمعنى العلم، فقيل: إنها لغة جُرْهُم، عن المؤرج، وقيل: لغة هوازن، وقيل: لغة نجد، عن ابن عباس، وذكر ابن جرير عن بعض البصرية أن معنى ييأس: يتعلم ويتبين، وأنشد:

  أَلمْ يَأْسَ لِلأقْوَامِ أَني أَنَا ابْنُهُ ... وَإِنْ كُنْتُ عَنْ أَرْضِ الْعَشَيِرَةِ نَائِيَا

  أي: ألم يعلم، وعن بعض الكوفيين إنكار ذلك.

  وذكر في (ضياء القلوب) قال الكسائي: يئست بمعنى علمت لم يسمع، وكذلك قاله الفراء، وإن كان الكلام يتوجه عليه فالمراد أن عند العلم يحصل اليأس، قال أبو علي: إنه لما كان آيسًا مع العلم أراد بالإياس العلم، فعلى هذا فيه قولان: