التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله إن الله بما تعملون بصير 110}

صفحة 550 - الجزء 1

  ويقال: ما الذي يجب في الغلة؟

  قلنا: العشر أو نصف العشر، ولا يجب العشر في المستفاد من الأرض الخراجية، وقال الشافعي: يجتمع العشر والخراج.

  ويقال: كيف يجب العشر والخراج؟

  قلنا: العشر يجب في الأرض العشرية، والخراج يجب في الأرض الخراجية، والأراضي العشرية هو أن يُسْلِمَ أهلها عليها، أو تفتح، وتقسم بين المسلمين.

  والخراجية أن تقر في أيدي الكفار، ويوضع عليها الخراج.

  وتدل الآية على أن ثواب الخير لا يضيع.

  ويقال: كيف قال: «تجدوه» وإذا أحبطه لا يجده؟

  قلنا: قيل: يجده، لكن عند السلامة يوفر عليه نفس الثواب، وعند الإحباط يوفر عليه بأن ينقص من عقابه، ففي الحالين قد وجد ما قدم.

  وتدل على صحة قولنا في الموازنة، وعلى فساد ما يقوله أبو علي في الإحباط؟

  لأن على مذهبه يجد الخير في حال دون حال، ولا يجده مطلقًا، ولا يقال: إنه مشروط بزوال الكبائر؛ لأنه إذا صح حمله على ظاهره من غير شرط فإثبات الشرط لا يصح.

  ومتى قيل: إنه تعالى وصفه بالخير، ونقصان العقاب لا يكون خيرًا، فعلى قولكم أيضًا لا بد من تأويل؟

  قلنا: لا فرق بين زوال المضار فيه، وإيصال المنافع إليه، في أنهما من باب الخير؛ ولذلك يعد المُخَلِّصُ من ضرر كَالمُسْدِي منفعة، بل ربما يكون ذلك أبلغ في النعمة والخير.

  ويدل قوله: {إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} على وعد ووعيد.