قوله تعالى: {ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله جاءتهم رسلهم بالبينات فردوا أيديهم في أفواههم وقالوا إنا كفرنا بما أرسلتم به وإنا لفي شك مما تدعوننا إليه مريب 9}
  قال أبو علي: وفي قوله: {فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ} أنهم فعلوا ذلك مرة بعد أخرى.
  «وَقَالُوا» يعني: الأمم «إِنَّا كَفَرْنَا» جحدنا «بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ» أي: برسالتكم «وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ» من الدين أهو حق أم باطل «مُرِيبٍ» متهم لكم فيما ادعيتم من الرسالة، قال القاضي: وليس معناه الشك.
  · الأحكام: تدل الآية على أنه لا يمكن القطع على مقدار السنين من لدن آدم إلى يومنا هذا، ولهذا قال ابن مسعود: كذب النسابون، اللَّه أصدق حيث قال: {عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ} وروي ذلك مرفوعًا، «وكان صلى اللَّه عليه لا يجاوز في انتسابه معد بن عدنان»، حكاه الأصم.
  وتدل على أن كل واحد من الرسل جاء بالبينات، خلاف ما تقوله الحشوية أن بعضهم لم تكن معه معجزة ولا شريعة.
  وتدل على أن الشك في الدين مذموم، وقد يكون كفرًا.
  ومتى قيل: هل يحسن الشك قط؟
  قلنا: في ابتداء النظر يحسن، ولهذا قلنا: إنه ليس من جنس الاعتقاد، ولأن الاعتقاد ما بعد لا نعلمه قبيح.
  وتدل على أن الرد والتكذيب فعل العبد؛ لذلك ذمهم عليه، فيبطل قول الْمُجْبِرَةِ في المخلوق.