قوله تعالى: {قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى قالوا إن أنتم إلا بشر مثلنا تريدون أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا فأتونا بسلطان مبين 10 قالت لهم رسلهم إن نحن إلا بشر مثلكم ولكن الله يمن على من يشاء من عباده وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان إلا بإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون 11 وما لنا ألا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا ولنصبرن على ما آذيتمونا وعلى الله فليتوكل المتوكلون 12}
  · المعنى: لما تقدم دعاء الرسل إلى التوحيد ابتداء كما جرت عادة الرسل به، بيّن تعالى جواب الكفار وما دار بينه وبينهم، فقال سبحانه: «قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ» قيل: في عبادته، عن ابن عباس. وقيل: في توحيده وصفاته، واختلفوا، فقيل: هم مشركوا العرب كانوا يقرون بِاللَّهِ ويعبدون الأصنام فأزال الشك بقوله: {فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ} عن الحسن. وقيل: ما كانوا يقرون به، والمراد بقوله: {أَفِي اللَّهِ شَكٌّ} أي: لا ينبغي أن يشك فيه مع ظهور الدلالات، عن أبي علي.
  ثم بيَّن تعالى دلائل التوحيد فقال سبحانه: «فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ» أي: خالقهما دون غيره فوجب أن يعبد وحده، ثم أضاف إليه ما يتعلق بالعدل فقال: «يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ» أي: يدعوكم إلى الإيمان به وإلى طاعته واجتناب المعاصي التي هي سبب الغفران «مِنْ ذُنُوبِكُمْ» قيل: أراد جميع ذنوبكم، ولا شبهة أن جميع ذلك يغفر بالتوبة، وقيل: يغفر بعض ذنوبهم بالتوبة والإيمان، وإنما يغفر صغائر المؤمنين من حيث يزيد ثوابهم على عقاب ذنوبهم، وقيل: يغفر من ذنوبه ما يتذكر ويتوب عنه دون ما نسي؛ لأنه قد ينسى بعض ذنوبه فلا يتوب عنه، فهذا ليس بالوجه لأنه يجب أن يتوب على الجملة من جميع الذنوب، ولأنه لا بد أن يخطر اللَّه تعالى ذلك بباله فإن لم يخطر بباله يكون معذورًا «وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى» قيل: يزيد في أعماركم، وقيل: لا ينقص أعماركم بعذاب الاستئصال ولكن يؤخركم إلى وقت الموت، عن ابن عباسٍ، وأبي علي. «قَالُوا» يعني الكفار للرسل «إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا» في الصورة والهيئة فكيف خصصتم بالنبوة، وهذا كلام الجهال؛ لأن التخصيص