التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا على شيء ذلك هو الضلال البعيد 18 ألم تر أن الله خلق السماوات والأرض بالحق إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد 19 وما ذلك على الله بعزيز 20}

صفحة 3850 - الجزء 5

  والجديد ضد الخلق، وأصله القطع، يقال: جده يجده جدًا إذا قطعه، ومنه: جداد النخل، ومنه: الجد ضد الهزل لقطع المسافة إلى البغية، والجد: الحظ؛ لأنه كالمقطوع له، وسمي جديدًا كأنه قطع في تلك الحال.

  · الإعراب: في رفع «مَثَلُ» قولان:

  أولهما: فيما يتلى عليكم مثل، أو فيما نقص عليكم مثل الَّذِينَ كفروا، ثم فسر فقال: {أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ} فهو خبر ابتداء محذوف، عن سيبويه والبصرية.

  ثانيهما: أن يكون تقديره: مثل أعمال الَّذِينَ كفروا، والعرب تقدم الأسماء لأنها أعرف ثم تأتي بالخبر، ونظيره قوله تعالى: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ}⁣[الزمر: ٦٠] أي: ترى وجوه الَّذِينَ كفروا، عن الفراء، وقيل: المثل صلة، وتقديره: الَّذِينَ كفروا أعمالهم.

  ويقال: لم وصف اليوم بالعاصف وهو من صفة الريح؟

  قلنا: فيه قولان:

  أولهما: أنه من صفة الريح إلا أن اليوم وصف به لأن الريح تقع فيه، كقولهم: ليل نائم ونهار صائم، قال الشاعر:

  يَوْمَينِ غَيْمَينِ وَيَومًا شَمْسَا

  قال الفراء: إن شئت قلت: في يوم ذي عصوف، وإن شئت قلت: في يوم عاصف الريح، فحذف الريح لأنها مذكورة قبل ذلك، وقيل: هو من نعت الريح غير أنها لما جاء بعد اليوم اتبع إعرابه، كقول الشاعر:

  وجُحْرُ ضَبٍّ خَرِبٍ