التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا على شيء ذلك هو الضلال البعيد 18 ألم تر أن الله خلق السماوات والأرض بالحق إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد 19 وما ذلك على الله بعزيز 20}

صفحة 3852 - الجزء 5

  تَرَ» أي: ألم تعلم، قيل: خطاب له والمراد غيره، وقيل: المراد أيها الإنسان «أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ» قيل: الحق هو الدين والعبادة، يعني أراد أن يعبدوه، عن ابن عباس، وأبي علي، وأبي مسلم. يعني لم يخلق ذلك عبثًا لكن لغرض صحيح وهو أن يعبدوه فيصلوا إلى منزلة عالية، وقيل: خلقكم لمنافعكم فتركتم عبادته مع وجوبها، وقيل: بالحق أي: يشهدان بالحق الذي يجب له على عباده، عن الأصم.

  وقيل: خلقهما للجزاء يوم القيامة، حكاه الأصم. «إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ» أي: يهلككم يعني الكفار «وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ» أي: يخلق خلقًا آخر سواكم أطوع منكم «وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ» أي: ممتنع متعذر.

  · الأحكام: تدل الآية على بطلان قول الْمُجْبِرَةِ من وجوه:

  أحدها: أنه أضاف العمل إليهم، ولو كان خلقًا لما صح إضافته إليهم بل كان مضافًا إليه.

  وثانيها: أنه قال: (خَلَقَ ... بِالْحَقِّ) ولو كان كما تزعمه الْمُجْبِرَة أنه خلقها لكى يكفروا ويفسدوا لما صح ذلك.

  وثالثها: أنه قال: «بخلق جديد» أطوع، ولو كان الإيمان والكفر خلقًا لله تعالى لما صح ذلك لأنه يكون موقوفًا على خلقه في الأول والثاني، وما الفائدة في إهلاك الأولين واتخاذ الآخرين.

  وتدل على بطلان قولهم في الإرادة لأن عندهم ما كان قد أراد، ولو كان أراد خلقًا من جديد لا بد أن يخلقهم فإن لم يرد لم يصح أن يخلقهم، وأي معنى في قوله: «إن يشأ».