التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وبرزوا لله جميعا فقال الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء قالوا لو هدانا الله لهديناكم سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص 21 وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم 22}

صفحة 3854 - الجزء 5

  وقرأ القراء كلهم بفتح الياء سوى حمزة بكسر الياء، وأصله (مصرخين) ذهبت النون لأجل الإضافة وأدغمت ياء الجماعة في ياء الإضافة، فمن نصب فلأجل التضعيف، ومن كسر فلالتقاء الساكنين فحركت إلى الكسر لأن الياء أحب الكسرة.

  · اللغة: البروؤ: خروج الشيء عما كان ملتبسًا به إلى حيث يقع عليه الحس، وأصله الظهور، ومنه: برز للقتال.

  والضعف: نقصان القوة، ضعف يضعف ضعفًا، وأضعفه اللَّه إضعافًا.

  والاستكبار: طلب الكبر، وهو رفع النفس فوق القدر، ونظيره: التكبر والتجبر.

  والتبع: جمع تابع، ويجوز أن يكون مصدرًا سموا به، أي: كنا ذا تبع.

  والجزع: نقيض الصبر، قال الشاعر:

  فَإِنْ تَصْبِرَا فَالصَّبْرُ خَيْرُ مَغَبَّةٍ ... وَإِنْ تَجْزَعَا فَالأمْرُ مَا تَرَيَانِ

  والمحيص: المحيل والهرب، حاص يحيص حيصًا ومحيصًا، تقول العرب إذا راوغ وهرب: حاص عني، وحاص وأحاص بمعنى، ووقع في «حَيْصَ بَيْصَ» أي في شيء لا يقدر أن يتخلص منه.

  والإصراخ: الإعانة بإجابة الصارخ، يقال: استصرخني فلان فأصرخته؛ أي: استعانني فأعنته، والمصرخ المغيث، والصارخ: المستغيث.

  · الإعراب: قيل في قوله: «إلا أن دعوتكم» استثناء منقطع بمعنى لكن، وهو كقولهم: ما مرتبه إلا أنه أحمق، عن أبي القاسم.