التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وبرزوا لله جميعا فقال الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء قالوا لو هدانا الله لهديناكم سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص 21 وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم 22}

صفحة 3855 - الجزء 5

  · النظم: قيل: الآية تتصل بقوله: {وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ} عند بروزهم من القبور، عن الأصم، وأبي القاسم.

  وقيل: تتصل بقوله: {مِّن وَرَائِهِ جَهَنَّمُ} يصيرون إليها عند بروزهم يوم الحشر، عن أبي مسلم.

  وقيل: لما تقدم وعيد الكفار بَيَّنَ صفة ذلك وما يجري بين الأتباع والمتبوعين ومحاورتهم عقيب الجمع بكلام الشيطان حثًا على طاعة اللَّه وترك اتباع أهل البدع، وقادة الضلال، ووساوس الشيطان، عن القاضي.

  · المعنى: «وَبَرَزُوا» أي: ظهروا بخروجهم عن قبورهم «لِلَّهِ» أي: بحكم اللَّه إلى الموضع الذي لا حكم إلا له، واللفظ للماضي، والمراد الاستقبال، قيل: لصحة وقوعه، وقيل: معناه سيبرزون «جَمِيعًا» قيل: القادة والأتباع، عن ابن عباس. وقيل: جميع الخلق، عن الحسن، وأبي علي، وأبي مسلم. «فَقَالَ الضُّعَفَاءُ» قيل: الأتباع، وأراد الضعفاء في الدين وهم المقلدة، وقيل: الضعفاء فيما يتصل بأحوال الدنيا «لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا» أي: تكبروا عن الإيمان فلم يؤمنوا وهم القادة، ويحتمل الوجهين، وهم إما القادة في الدين وهم علماء السوء، والقادة في الدنيا وهم الأكابر والرؤساء «إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا» يعني: في الكفر على وجه التقليد «فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا» قيل: حاملون عنا، عن ابن عباس. وقيل: دافعون، عن الأصم، وأبي علي. «مِنْ عَذَابِ