التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا واجنبني وبني أن نعبد الأصنام 35 رب إنهن أضللن كثيرا من الناس فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم 36}

صفحة 3881 - الجزء 5

  · المعنى: «وَإذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ» يعني مكة، وقيل: لما فرغ من بناء الكعبة دعا بهذا الدعاء «آمِنًا» قيل: يجعل مكة آمنًا من الخراب، عن الأصم. وقيل:

  يجعل أهلها آمنًا كقوله: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ}⁣[يوسف: ٨٢] أي: أهل القرية وهو الوجه، وعليه أكثر المفسرين.

  ومتى قيل: كيف يجعله آمنًا؟

  فجوابنا: قيل: فيه وجهان:

  أحدهما: بما اختص به مكة من أمن أهلها في الجاهلية والإسلام، ومن أمن الوحش والطير بما تتميز به عن سائر البلدان وجميع ذلك بلطفه.

  وقيل: آمنًا بالحكم بأن يؤمن أهلها ومن يقصده من الحجاج والعمار.

  «وَاجْنُبْنِي» قيل: اصرف ذلك عني، عن الفراء. وقيل: بعدني، عن أبي مسلم.

  وقيل: ثبتني على اجتناب عبادتها لقوله {وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ}⁣[البقرة: ١٢٨] عن الزجاج.

  ومتى قيل: إذا كان التجنيب فعله فكيف سأل ربه؟

  فجوابنا: سأل الألطاف التي عندها يجتنب ويبعد عن عبادتها.

  ومتى قيل: إذا علم أنه تعالى يعصمه فما معنى السؤال؟

  فجوابنا: الانقطاع إليه، واستمداد المعونة والنظر في المستقبل من عنده.

  «وَبَنِيَّ» يعني أولادي.

  ومتى قيل: هل أجيب دعاؤه؟