التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار 48 وترى المجرمين يومئذ مقرنين في الأصفاد 49 سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار 50 ليجزي الله كل نفس ما كسبت إن الله سريع الحساب 51 هذا بلاغ للناس ولينذروا به وليعلموا أنما هو إله واحد وليذكر أولو الألباب 52}

صفحة 3908 - الجزء 5

  · الأحكام: تدل الآية الأولى على فناء الأرض والسماء حيث قال: {غَيرَ الْأَرْضِ} وذلك لا يصح إلا بعد إثبات الفناء؛ لأن الفناء ضد الأجسام.

  ومتى قيل: إذا ثبت إفناؤه فلم وجب أن يكون هناك ضد؟

  قلنا: لأنه إذا ثبت أنه لا بد من إفناء الأجسام بهذه الآية وغيرها من الآيات، وثبت أنه لا يتجدد الوجود على ما يقوله النَّظَّام، ولأنه لا يبقى ببقاء على ما يقوله أبو القاسم، وأن الإعدام ليس بمقدور على ما زعمه الخياط، وأن ما يبقى لا ينتفى إلا بضد ينافيه ثبت أن هاهنا ضدًا هو الفناء.

  ويدل: {لِيَجْزِيَ اللَّهُ} على أن الثواب والعقاب جزاء على الأعمال، خلاف ما تقوله الْمُجْبِرَة.

  وتدل على أنه لا يعاقب أحدًا بغير ذنب، وأنه لا يظلم، خلاف قولهم.

  ويدل قوله: {هَذَا بَلَاغٌ} أن القرآن كاف في جميع ما يحتاج إليه فيأمر الدين، فوجب أن يكون عبادة المرء تعلم القرآن؛ لأن جميع أمور الدين، إما أن يعلم به بنفسه أو بواسطة.

  ويدل قوله: {وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ} أنه أراد من الجميع أن يعلموا التوحيد، خلاف ما تقوله الْمُجْبِرَة: أنه أراد من النصارى إثبات التثليث، ومن الزنادقة نفي التوحيد.