التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار 48 وترى المجرمين يومئذ مقرنين في الأصفاد 49 سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار 50 ليجزي الله كل نفس ما كسبت إن الله سريع الحساب 51 هذا بلاغ للناس ولينذروا به وليعلموا أنما هو إله واحد وليذكر أولو الألباب 52}

صفحة 3907 - الجزء 5

  قتادة، وابن زيد. وقيل: في سلاسل، عن الضحاك. «سَرَابِيلُهُمْ» أي: قمصهم وما يلبسون «مِنْ قَطِرَانٍ» قيل: هو قطران الإبل؛ لأنه أبلغ في اشتعال النار، وأشد في العذاب، عن الأصم، والحسن، وأبي علي، والزجاج. وقيل: كل ما يلبس فهو سربال، وقيل: نحاس وصفر مذاب قد انتهى حره، عن ابن عباس، ومجاهد، وقتادة. وهذا على القراءة الأخرى، وقد جوز أبو علي القراءتين قال: فإنهم يسربلون سربالين: أحدهما: من القطر، والآخر: من النحاس لدلالة صحة القراءتين عليه «وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ» أي: تصل النار إلى وجوههم «لِيَجْزِيَ اللَّهُ» يتصل بقوله: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ} «لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كسَبَتْ» أي: ما عملت من خير أو شر «إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ» قيل: يحاسب مع كل أحد في أسرع من طرفة عين، عن الأصم. وقيل: سريع الجزاء، وقد مضى ذكره «هَذَا بَلاَغٌ لِلنَّاسِ» قيل: هذا إشارة إلى القرآن، عن ابن عباس، والحسن، وأبي مسلم، واختاره القاضي، لأنه كاف في جميع ما يحتاج إليه، وقيل: ما أوحى إليهم من الأخبار، عن الأصم وأبي علي، وقيل: ما تقدم ذكره في السورة، وقيل: هذا الوعيد «بَلاَغ» أي: كفاية لمن تدبره «لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ» ليخوفوا بما فيه من الوعد والوعيد «وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ» أي: ليدعوهم هذا الإنذار والتخويف إلى العلم الذي هو التوحيد، وقيل: ليعلموا أنه واحد إذا عاقبهم فلا دافع سواه «وَلِيَذَّكَّرَ» أي: ليتدبر وليتعظ «أُولُو الْأَلْبَابِ» أي: ذوو العقول.