التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم 115}

صفحة 560 - الجزء 1

  ويقال: لم وحد المشرق والمغرب، ولله المشارق والمغارب؟

  قلنا: فيه قولان: أحدهما: أنه أخرجه مخرج الجنس فدل على الجمع، كقولهم: أهلك الناس الدينار والدرهم. وقيل: على الحذف وتقديره: المشرق الذي تشرق منه الشمس كل يوم، والمغرب الذي تغرب فيه كل يوم.

  (ثَمَّ): يبنى على الفتح، وإنما بني لأن فيه معنى الإشارة إلى المكان فمعناه هنالك، وبني على الحركة لالتقاء الساكنين، وفُتِحَ لخفة الفتح في المضاعف.

  · النزول: اختلفوا في سبب نزول الآية فقيل: لما حُوِّلَتِ القبلة عن بيت المقدس أنكر اليهود ذلك، فنزلت الآية ردًّا عليهم، عن ابن عباس وأبي العالية. وبَيَّنَ تعالى أنه ليس في جهة دون جهة على ما يذهب إليه المُشَبِّهَةُ، وقيل: كان للمسلمين التوجه حيث شاؤوا في صلواتهم، ففيه نزلت الآية، ثم ننسخ ذلك بقوله: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} عن قتادة وابن زيد، قال: وكان النبي ÷ اختار التوجه إلى بيت المقدس، وله أن يتوجه حيث شاء، وقيل: نزلت في قوم صلوا في ظلمة وخفيت عليهم جهة القبلة، فاجتهدوا وصلوا، فلما أصبحوا إذا هم قد صلوا إلى غير القبلة، فسألوا عن ذلك رسول اللَّه ÷ فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية، عن النخعي.

  وقيل: نزلت في صلاة التطوع على الراحلة عن ابن عمر، وقيل: في تحويل القبلة، يعني له المشرق والمغرب، فأينما كنتم فصلوا إلى الكعبة عن عكرمة، وقيل: نزلت في المجتهدين بشرط الاجتهاد.

  وقيل: لما نزلت: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} قالوا: أين ندعوه، فنزلت الآية، عن الحسن ومجاهد والضحاك.

  · النظم: وقد قيل في اتصال الآية بما قبلها وجوه: