قوله تعالى: {ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم 115}
  منها: لما تقدم الوعيد قال: لله المشرق والمغرب فأينما تكونوا فهو معكم، وليس بغائب عنكم، في معنى قول الأصم، وقيل: لما تقدم ذكر الصلاة والمساجد عقبه بذكر القبلة وبيانها، وقيل: إنه خطاب لليهود والنصارى، حيث عاب بَعْضُهُم بعضًا على ما تقدم، وَقِبْلَتُهُمْ مختلفة، فَبَيَّنَ أنه ليس في جهة دون جهة، بل هو خالق الجهات بخلاف ما تقوله المُشَبِّهَةُ.
  ومعنى: «فَثَمَّ وَجْهُ اللَّه» أي جهة اللَّه، يعني جهة المشرق والمغرب الذي هو ملكه وخلقه، عن أبي مسلم، وقيل: إنه خطاب للمسلمين أي: لا يمنعكم تخريب من خرب مساجد اللَّه عن ذكره حيث كنتم من أرضه، فلله المشرق والمغرب والجهات كلها، عن علي بن عيسى.
  · المعنى: «وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ» قيل: له ملكهما، وقيل: خَلْقُهُمَا، وقيل: الخلق والملك له، والمراد بالمشرق جهة المشرق، وبالمغرب جهة المغرب، «فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا» وجوهكم، أي تحولوا «فَثَمَّ» هنالك «وَجْهُ اللَّه» قيل: جهة القبلة التي أمر اللَّه تعالى بالتوجه إليها، وهي الكعبة، عن الحسن ومجاهد وقتادة ومقاتل؛ لأنه يمكن أن يتوجه إليها من كل مكان، وقيل: فثم اللَّه فادعوه حيث توجهتم، وقيل: فثم رضوان اللَّه يعني الوجه الذي يؤدي إلى رضوانه، عن أبي علي، «إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ» قيل: غني، عن أبي عبيدة، وتقديره: إنه غني عن عطائكم. وإنما يريدها لمنافعكم، وقيل: واسع المقدور يفعل ما يشاء، وقيل: واسع الرحمة، عن أبي علي، وقيل: واسع الرحمة، فلذلك رَخَّصَ في الشريعة، عن الزجاج. «عَلِيمٌ» قيل: عليم بوجوه الحكمة فبادروا إلى أمره، وقيل: واسع الرحمة «عَلِيم» أي يضعها على ما توجبه الحكمة، وقيل: عليم بِنِيَّاتِهِمْ حيثما صلوا ودعوا.
  · الأحكام: إذا حملت الآية على التوجه إلى القبلة، كأنه قيل: أينما كنتم فَمكَّةُ القِبْلَةُ، فتدل