قوله تعالى: {ولقد جعلنا في السماء بروجا وزيناها للناظرين 16 وحفظناها من كل شيطان رجيم 17 إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين 18}
  · اللغة: البرج: أصله الظهور، ومنه: برج السماء، وبرج الحصون، وجمعه: بروج، سميت بذلك لظهورها، ومنه: تبرجت المرأة أظهرت زينتها.
  والرجيم: فعيل من الرجم، وهو بمعنى مرجوم، والرجم: الرمي بالحجارة، والرجام: الحجارة، ورجمت فلاناً رميته بالحجارة، ورجمته شتمته، وقد فسر الرجم في القرآن على القتل والشتم، وفي قوله: {لَأَرْجُمَنَّكَ}[مريم: ٤٦] قال الكسائي:
  الرجم في كل القرآن الشتم.
  والشهاب: القطعة منْ النار، وجمعه: شهب، قال الزجاج: الشهب الكواكب المنقضّة من آيات الرسول، وكانت بعد مولده، لأن شعراء. العرب لم تذكر ذلك في أشعارها، فلما حدثت ذكرها الشعراء.
  · الإعراب: الهاء في قوله: {وَزَيَّنَّاهَا} {وَحَفِظْنَاهَا} تعود إلى السماء لأنها مؤنثة.
  وقوله {إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ} قيل: استثناء خارج كما يقال: ما اشتكي إلا خيرًا، أي: اذكر خيرًا، عن أبي القاسم وبعض نحاة البصرة، وقيل: هو بمعنى لكن، وقيل: هو استثناء صحيح على تقدير: إن السماء محفوظة عن جميع الشياطين إلا من هَؤُلَاءِ، فإنا لم نمنعهم بالحيلولة، فإذا راموها أتبعهم شهاب ثاقب، عن الأصم، وأبي علي.
  · المعنى: لما تقدم ذكر تكذيبهم للرسل أتبعه بذكر دلالات التوحيد مبيناً أنهم مع ظهور هذه الدلالات ذهبوا عنها، وتمسكوا بالشرك، فلا عجب ذهابهم عن دلالات النبوة، فقال سبحانه: «وَلَقَدْ جَعَلْنَا» أي: جعلنا وهيأنا «فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا» قيل: البروج النجوم،