قوله تعالى: {ولقد جعلنا في السماء بروجا وزيناها للناظرين 16 وحفظناها من كل شيطان رجيم 17 إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين 18}
  عن ابن عباس، والحسن، وقتادة، ومجاهد، والضحاك. وقيل: البروج منازل الشمس والقمر، وهي اثنا عشر برجاً، لكل برج اسم، عن الأصم، وأبي القاسم. وقيل: أماكن النجوم، عن أبي مسلم. «وَزَيَّنَّاهَا» أي: حسّنّا السماء بالنجوم النيرة «لِلنَّاظِرِينَ» لمن ينظر إليها «وَحَفِظْنَاهَا» أي: حفظنا السماء «مِنْ كُلِّ شَيطَانٍ» قيل: مَنَعْنَاهَا من دخول الشياطين فيها لاستماع الأخبار لتفسد الناس «رَجِيم» قيل: مرمي بالشهب أي: النار، عن أبي علي، وأبي القاسم، وأبي مسلم. وقيل: ملعون، عن ابن عباس. قال القاضي: والأول أقرب لأن استعماله في اللعن والطرد تشبيهاً بالرجم بالحجارة وغيرها «إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ» السرقة عند العرب أن يأتي خفية إلى حرز فيأخذ منه ما ليس له، والمراد بالسمع المسموع، أي: إلا من حاول أخذ مسموع من السماء في خفية «فَأَتْبَعَهُ» يعني ممتنع من استراق السمع بالشهاب، ومعنى (أتبعهم) لحقهم، وتبعهم مضى في أثرهم، عن أبي علي. «شِهَابٌ» نار، وقيل: كوكب «مُبِينٌ» أي: بين مضيء لمن رآه، وقيل: إن الشُّهُب تحرقهم وتقتلهم، عن الحسن. وقيل: تؤثر فيه بجرح وحرق ولا يقتل، عن ابن عباس.
  · الأحكام: تدل الآية على أن في السماء بروجاً، وأنه تعالى خلقها، وهي أمكنة النجوم، وكانت العرب تعرف تلك البروج وتسميها، وهي اثنا عشر: الحمل، والثور، والجوزاء، والسرطان، والأسد، والسنبلة، والميزان، والعقرب، والقوس، والجدي، والدلو، والحوت، وهذا مما لا يعلم عقلاً ولا مشاهدة، فلا بد أن يعلم بخبر نبي يبين البروج والنجوم، وكيفية سيرها وأماكنها ومنازلها، وكل ذلك دليل على أنه صنع قادر حكيم دبرها على ما هي عليه.