التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولقد جعلنا في السماء بروجا وزيناها للناظرين 16 وحفظناها من كل شيطان رجيم 17 إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين 18}

صفحة 3941 - الجزء 6

  ومعناه: ذات لقاح، كقولهم: هَمٌّ ناصب أي: ذو نصب، ويقال: رجل رامح وتارس ونابل، وقيل: حوامل للخير والماء لا تمر بزرع ولا ثمر إلا أصلحته، وتؤلف السحاب، وتلقحها، فشبه الرياح بالسحاب الحوامل لما فيها من المنافع وإن كانت مشبهة بالرجل العقيم، قال أبو القاسم: لقحت بخير، وقيل: معناه: ملقحة، فقيل: لاقح، كقولهم: ليل نائم، عن الفراء. قال أبو عبيدة: والعرب تفعل ذلك فتعيده إلى الأصل. قال القاضي: والأقرب أن هذه الرياح يرسلها تعالى حوامل للماء، لأن الرياح إذا تراكبت واختلط بها غيرها صارت سحاباً، وقيل: اللواقح هي الجنوب، عن ابن عباس، وأبي علي. والغيم هو الشمال، عن ابن عباس.

  «فَأَسْقَينَاكُمُوهُ» أي: جعلناه سقياً لكم لزرعكم وأنعامكم فتحيا بها البلاد، وينمو به الزرع والثمار، «وَمَا أَنْتُمْ» أيها الناس «لَهُ» قيل: للمطر، وقيل: لهذه النعم والمعايش «بِخَازِيينَ» أي: حافظين، قيل: ليس بمقدور لكم، ولا صنع لكم فيه، وهو الخالق لذلك، وقيل: ما أنتم للماء بحافظين، بل اللَّه يحفظه ويرسله من السحاب ثم يحفظه في الأرض ثم يخرجه من العيون بقدر الحاجة.

  · الأحكام: تدل الآية أنه بسط الأرض لمنافع الخلق من التصرفات المختلفة.

  وتدل أنها مسطحة، لأن لفظ المد لا يليق إلا بذلك على ما يقوله أبو علي، وقيل: إنها كرة عظيمة فيصح فيه المد، قال القاضي: أشكال الأجسام لا تعرف إلا بالسمع ولم يرد في ذلك سمع قاطع.