قوله تعالى: {ولقد جعلنا في السماء بروجا وزيناها للناظرين 16 وحفظناها من كل شيطان رجيم 17 إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين 18}
  مجاهد. وقيل: لكم فيها معايش، وجعلنا لكم من العبيد والإماء، عن أبي مسلم. وقيل: البهائم والطيور، عن ابن عباس، والحسن، والأصم، وأبي علي. وقيل: المراد به العبيد والإماء والدواب والأنعام والأجنة والأطفال وسائر الحيوانات، عن القاضي، ونحوه عن الزجاج. وقيل: (مَن)؛ لأنه غلب العقلاء على غيرهم، كقوله: {فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ}[النور: ٤٥]، قيل: (مَن) بمعنى (ما).
  «وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ» أي: ما من شيء، قيل: من المطر، عن ابن عباس، والحسن وابن جريج. وقيل: ما من شيء مما جعله اللَّه معاشاً ورزقاً لمن يحتاج إليه، عن الأصم، وأبي علي. «إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ» قيل: إن في مقدوراتنا منها ما نريد، فشبه مقدوره بالخزائن لإخراج الشيء منها يعني أنه قادر على إحداث ما يشاء من غير حصر، عن أبي علي. وقيل: المراد به الماء الذي منه النبات، وينزله إلى السحاب، وقيل: لفظ الخزائن مستعار والمراد أن الخير كله من اللَّه تعالى «وَمَا نُنَزِّلُهُ» يعني الماء من السماء «إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ» بحسب المصلحة، وبحسب الحاجة، لا يتجاوز حسب الحاجة، ولا ينقص منه.
  ثم بين كيفية إنزاله فقال سبحانه: «وَأَرْسَلْنَا» قيل: أنشأنا والإرسال الإطلاق، وقيل: أجرينا «الرِّيَاحَ» قيل: هي أربعة تعمل حتى تمطر، فالصبا تهيجه، والدبور تلقحه، والجنوب تدبره، والشمال تفرقه، عن أبي بكر بن عياش، وعن النبي ÷: «الريح الجنوب من الجنة»، وهي اللواقح، وكل ذلك عادة الدنيا بها، وإلا فهو قادر على أن يرسل المطر من غير سحاب وريح، وأن ينبت الأشياء من غير ماء، ولكن دبرها على هذا التدبير لما علم فيه من المصلحة «لَوَاقِحَ» قيل: تلقح السحاب فتلقي فيه الماء، عن ابن عباس، والحسن، وأبي علي، وقتادة، وإبراهيم، والضحاك.