قوله تعالى: {إلا إبليس أبى أن يكون مع الساجدين 31 قال ياإبليس ما لك ألا تكون مع الساجدين 32 قال لم أكن لأسجد لبشر خلقته من صلصال من حمإ مسنون 33 قال فاخرج منها فإنك رجيم 34 وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين 35}
  · المعنى: ثم بين تعالى ما كان من إبليس عند أمره بالسجود، فقال سبحانه: «إِلَّا إِبْلِيسَ» قيل: لكن إبليس، عن الزجاج وجماعة، وقيل: لم يكن من الملائكة بل هو كان من الجن، وقيل: هو أب الجن، وإنَّمَا أمر معهم بالسجود، عن الحسن، والأصم، وأبي علي، وقيل: كان من الملائكة، وروي ذلك عن جماعة، والأول هو الصحيح، لأن صفته تباين صفة الملائكة، فإنهم لا يأكلون ولا يتناسلون، وخلقوا من غير ما يخلق منه الجن، ووصفوا بأنهم لا يعصون، وإنما صح الاستثناء لدخوله معهم في الأمر بالسجود، أي: إلى أن امتنع «أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ» لآدم «قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ» أي ما منعك من السجود «قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ» قال قتادة: حسده، فقال: أنا ناري وهذا طيني، وقد غلط لأن الفضل لا يحصل بما خلق منه، وإنما يحصل بمعاني أخر على أن التراب أفضل من النار بما فيه من خصال المنفعة، وقد بينا ذلك فيما تقدم.
  «قَالَ» اللَّه تعالى: «فَاخْرُجْ مِنْهَا» قيل: قاله له على لسان بعض رسله، عن أبي علي، وقيل: بل كلمه إهانة وإنكارًا نحو قوله: {اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ ١٠٨}[المؤمنون] واختلفوا في قوله «مِنْهَا» قيل: من الجنة عند أكثر المفسرين، وهو قول أبي علي، وقيل: من الأرض فألحقه بالبحار لا يدخل الأرض إلا كالسارق، عن ابن عباس، وقيل: عن السماء، عن أبي مسلم. «فَإِنَّكَ رَجِيمٌ» أي: ملعون، عن ابن عباس، والحسن، وقتادة، وابن جريج، والأصم، وقيل: رجيم أي: مرجوم،