قوله تعالى: {قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون 36 قال فإنك من المنظرين 37 إلى يوم الوقت المعلوم 38 قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين 39 إلا عبادك منهم المخلصين 40 قال هذا صراط علي مستقيم 41}
  «قَالَ» إبليس: «رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ» قيل: الإغواء الأول والثاني بمعنى الإضلال، أي: كما ضللتني أضلهم، وهذا لا يجوز لأنه تعالى لا يضل عن الدين، إلا أن يحمل على أنه قال ذلك معتقداً للخير، ويحمك ما بعده على الإنكار، وقيل: الإغواء الأول والثاني بمعنى الخيبة أي: كما خيبتني من رحمتك لأخيبنهم بالدعاء إلى معصيتك، عن أبي علي. وقيل: كما أضللتني عن طريق الجنة أضلهم بالدعاء إلى معصيتك، وقيل: بما خيبتني لأضلنهم، فإغواءه يكون بالدعاء والوسوسة والتزيين، وغوايتهم تكون بوجهين: أحدهما: بطاعته، والثاني: باعتقاد الكفر، ومعنى «لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ»؟ قلنا: بالشهوات، وقيل: الأفعال القبيحة «إِلَّا عِبَادَكَ» لما علم أن إغواءه لجميع العباد غير ممكن استثنى فقال: «إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ» قيل: من أظهر لك الدين والتوحيد وهم المؤمنون، عن ابن عباس، والحسن، والأصم. وقيل: المؤمنون، عن الضحاك. «قَالَ» اللَّه تعالى «هَذَا» يعني الإخلاص والتوحيد «صِرَاطٌ» قيل: الطريق، وقيل: دين يدل عليّ، عن الحسن. وقيل: طريقهم عليَّ ومرجعهم، وهو تهديد كما تقول لمن عصاك: طريقك عليّ، وقيل: هذا دين تكفلت بحفظه وبيانه، ونفي الشبه عنه فعليّ ذلك، وقيل: أراد تعالى بقوله: «عَلَيَّ» إليَّ أي: هذا طريق إليَّ أي: إلى رحمتي وجنتي، عن الحسن وجماعة. قال مجاهد: الحق يرجع إلى اللَّه وعليه طريقه، وعلى قراءة يعقوب: (صراط) رفيع «مُسْتَقِيمٌ» لا عوج فيه، وقيل: يسلك بصاحبه حتى يهجم به على الجنة، عن الحسن.
  · الأحكام: تدل الآية على أن لدعاء إبليس تأثيرًا في الإفساد على ما يقوله أبو هاشم خلاف ما يقوله أبو علي.
  وتدل على بطلان قول الْمُجْبِرَةِ؛ إذْ عندهم الإغراء والإضلال كله من اللَّه تعالى.