التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وجاء أهل المدينة يستبشرون 67 قال إن هؤلاء ضيفي فلا تفضحون 68 واتقوا الله ولا تخزون 69 قالوا أولم ننهك عن العالمين 70 قال هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين 71 لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون 72 فأخذتهم الصيحة مشرقين 73 فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل 74 إن في ذلك لآيات للمتوسمين 75 وإنها لبسبيل مقيم 76 إن في ذلك لآية للمؤمنين 77}

صفحة 3970 - الجزء 6

  وَأَصْبَحْنَ كَالدَّومِ النَّوَاعِمِ غُدْوَة ... عَلَى وَجْههِ مِنْ طَاعِنٍ مُتَوَسِّمِ

  الدوم: شجرة، والميسم: العلامة، توسمت فيه الخير إذا عرفت وسم ذلك فيه.

  · الإعراب: «مشرقين» نصب على الحال أي: العذاب في حال الشروق.

  · المعنى: ثم بيَّن ما جرى بينهم من قوم لوط إلى أن أهلكوا، فقال تعالى: «وَجَاء أَهْلُ الْمَدِينَةِ» أي: قوم لوط، يعني جماعة منهم، والمدينة قيل: سدوم، وإنما أخبرهم بهم امرأة لوط، وفي الكلام حذف يدل عليه ما قبله وما بعده، وهو أنهم جاؤوا إلى دار لوط «يَسْتَبْشِرُونَ» قيل: يظهرون السرور، عن أبي مسلم. وقيل: يبشر بعضهم بعضاً لما رأوا من حسن صورتهم، عن الأصم. وقيل: كان سرورهم طمعاً في عملهم الخبيث، عن ابن عباس، وقتادة، وجماعة. وقيل: طمعوا أن يظفروا بهم، فـ «قَالَ» لهم لوط «إِنَّ هَؤُلَاءِ ضَيفِي» أي: أضيافي، ودجب مراعاة حق الضيف «فَلَا تَفْضَحُونِ» بالإقدام على ما يكون عارًا عليّ، ثم ذكرهم اللَّه تعالى فقال: «وَاتَّقُوا اللَّهَ» فيما نهى عنه واتقوا عذابه «وَلاَ تُخْزُونِ» أي: لا تفعلوا ما ينالني فيه من الخجل والخنا الذي هو مثل الذل والعار، وقيل: لا تخزوني أي: تقهروني بلغة بجيلة، عن المؤرجِ. «قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالمينَ» أي: عن ضيافة أحد من الغرباء يأتيك، جواباً لقوله: {إِنَّ هَؤُلَاءِ ضَيْفِي} وكانوا ينهونه عن الضيافة، وهو يستمر على قدر الإمكان، وقيل: أولم ننهك عن منع أحد منا، عن أبي علي. فلما قالوا ذلك لم يجد ما يمنع أضيافه، فـ «قَالَ