التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {بديع السماوات والأرض وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون 117}

صفحة 566 - الجزء 1

  وقال الآخر:

  فقَالَتْ لَهُ العَيْنَانِ سَمْعًا وَطَاعَةً ... وَحَدَرَتا كَالدُّرِّ لَمَّا يُثَقَّبِ

  وهو قول أبي علي وأبي هاشم وأبي القاسم وجماعة من المفسرين.

  وقيل: إنه علامة يفعلها اللَّه تعالى للملائكة إذا سمعوها علموا أنه أحدث أمرًا، يحكى ذلك عن أبي الهذيل، وفيه بعد؛ لأن لفظة (كن) لا تدل على فعل ولا جنس، وقيل: هذا خاص في الموجودين الَّذِينَ قال لهم: «كُونُوا قِرَدَةً»، ومن جرى مجراهم، عن الأصم، وهذا بعيد؛ لأنه تخصيص من غير دليل، ولأنه تعالى يكونه فما فائدة قوله: (كُنْ)؛ ولأن «كن» فعل فيحتاج إلى «كن» آخر فيتسلسل، وقيل: إنها أمر للمعدوم حيث علمه اللَّه تعالى، وهذا فاسد؛ لأن المعدوم لا يصح خطابه، ولأنه تخصيص من غير دليل، وقيل: أمر للموجودين من إحياء الموات، وإماتة الأحياء، والآية عامة توجب حمله على ما ذكرنا.

  ويقال: كيف الاحتجاج بالآية على نفي الولد؟

  قلنا: فيه قولان:

  الأول: أن مبدع الأشياء هو مبدع عيسى من غير أب.

  والثاني: أن من كان هذه صفاته لا يجوز عليه اتخاذ الولد كما لا يجوز عليه صفات النقص.

  · الأحكام: الآية تدل على أنه تعالى خالق السماوات والأرض، فتدل على أنه ليس بجسم؛ لأن الجسم لا يقدر على الجسم، وإذا لم يكن جسمًا لم يَجُزْ عليه اتخاذ الولد.

  وتدل على بطلان قول المفوضة والباطنية.