التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {كما أنزلنا على المقتسمين 90 الذين جعلوا القرآن عضين 91}

صفحة 3985 - الجزء 6

  · النظم: يقال: كيف تتصل الآية بما قبلها؟

  قيل: تتصل بقوله: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ} تقديره: كما أنزلنا عليك أنزلنا على المقتسمين، قيل: يتصل بقوله: {أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ} بعد أن أنزل إلي كما أنزل على المقتسمين.

  · المعنى: «كمَا أَنْزَلْنَا» الكتاب «عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ» قيل: أهل الكتاب اقتسموا الكتاب، وهو القرآن فآمنوا ببعضه، عن ابن عباس، وسعيد بن جبير، والحسن. وقيل: اقتسموا كتابهم وفرقوه، عن مجاهد. وقيل: حرفوه، عن الأصم. وقيل: هم من قريش عضوا كتاب اللَّه فجعلوه أعضاء كأعضاء الجزور، فآمنوا ببعضه وكفروا ببعضه، عن قتادة.

  وقيل: قوم اقتسموا طرق مكة ينفرون الناس عن النبي ÷ بأنه ساحر وكاهن ومجنون، فأنزل اللَّه بهم عذاباً، عن الفراء، والأصم. وقيل: هم قوم صالح، تقاسموا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ، عن ابن زيد. وقيل: سموا مقتسمين، لأنهم كانوا يستهزئون، فيقول بعضهم: هذه السورة لي سورة (البقرة)، وهذا لي سورة (آل عمران)، عن عكرمة.

  «الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ» أي: عضوه أعضاء وأجزاء فآمنوا ببعض وكفروا ببعض، عن مجاهد، والأصم، وأبي علي، قال أبو علي: لأن كل فريق صدقه فيما يوافق كتابه، وقيل: عضهوه بأن وصفوه بخلاف صفته ونسبوه إلى السحر، واختلفوا في هذا الكتاب، فقيل: أراد بالقرآن كتبهم، عن الحسن. وقيل: بل أراد الكتاب المنزل على نبينا، وعليه الأكثر، وهو الصحيح، واقتسموا على ما ذكرنا.

  · الأحكام: تدل الآية على وجوب الإيمان بجميع القرآن.