التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {أتى أمر الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشركون 1 ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده أن أنذروا أنه لا إله إلا أنا فاتقون 2}

صفحة 3998 - الجزء 6

  بسؤال الجهال واستعجالهم، وهو أعلم بالمصالح، ولأنه تعالى لا يعذب بعذاب الاستئصال، إذا كان في المعلوم أن منهم من يؤمن أو يلد من يكون مؤمناً.

  «فَلاَ تَستعْجِلُوهُ» أي: لا تطلبوا تعجيله «سُبْحَانَهُ» أي: تنزيهاً له عما لا يليق به من صفات النقص، وفعل القبيح «وَتَعَالَى» تعظم عن ذلك «عَمَّا يُشْرِكُونَ» أي: عن إشراكهم الأصنام معه في العبادة، أو وصفهم له بالشريك في الإلهية «يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ» قيل: بالقرآن، عن ابن عباس، والأصم، وأبي علي، وأبي مسلم، وسمي روحاً لأنه حياة النفس بالإرشاد إلى الدين، وقيل: بالنبوة، عن الحسن، وقيل: بالرحمة، عن قتادة، وقيل: بنعم الدين، عن عطاء، وقيل: الروح كلام اللَّه، عن الربيع بن أنس، وقيل: اسم لملك ينزل مع الملائكة، عن مجاهد، وقيل: أراد مع الروح وهو جبريل، عن أبي عبيدة. «مِنْ أَمْرِهِ» أي: وحيه وتنزيله «عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ» وهو من يعلم أنه يصلح للنبوة «أَنْ أَنذِرُوا» أي: أوحى إليهم لينذروا أممهم أي: يخوفونهم، وقيل: أنذروا أعلموا، وقيل: خوفوا عبدة غير اللَّه، عن ابن عباس. «أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا» أي: علموهم ليعلموا أنه لا إله إلا أنا «فَاتَّقُونِ» قيل: اتقوا أن تتخذوا غيري إلهاً، وقيل: فاتقوا معاصي اللَّه.

  · الأحكام: تدل الآية على قرب الساعة، وأنها تبعث على هذه الأمة.

  ومتى قيل: أليس قوله {فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ} مناقضة؟

  قلنا: إذا كان معناه قرب مجيئه، ولأنه بالإضافة إلى ما تقدم يكون أقرب جائي، ويقال: قرب فأتى.

  وتدل على أنه منزه عن الشرك، وأنه لم يخلقه ولم يرده ولم يرض به إذ لو خلقه وأراده لما كان منزهاً عنه، ولما كان أحد أولى به منه.