التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {أتى أمر الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشركون 1 ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده أن أنذروا أنه لا إله إلا أنا فاتقون 2}

صفحة 3997 - الجزء 6

  ومتى قيل: أي: تعلق لقوله بما تقدم؟

  فجوابنا: أنه يبين أن الحال حال التكليف لا حال نزول العذاب، وأن الصلاح نزول الملائكة بالوحي والكتاب إلى النبي للإنذار، وأدلة الدين وبيانه، ولذلك أتبعه بذكر الأدلة.

  وقيل: أراد بالأمر الأحكام والفرائض، فبين أن ذلك تنزله الملائكة إلى النبي ÷، ولما أوعدهم بالعذاب بين أن الملائكة تنزل بالتخويف، وأنه لا يأخذهم حتى يحتج عليهم بالرسل والإنذار.

  · المعنى: «أَتَى أَمْرُ اللَّهِ» أي: جاء أمر اللَّه، قيل: عقابه لمن أقام على الكفر والتكذيب، عن الحسن، وابن جريج. وقيل: القيامة، عن أبي علي، وروي نحوه عن ابن عباس.

  وقيل: الأحكام والحدود والفرائض، عن الضحاك. وقيل: وقت العذاب، عن الأصم.

  وقيل: العذاب بالسيف، وقيل: نصرة اللَّه للمؤمنين، وكانوا استعجلوا النصر، فقال:

  لا تستعجلوا فقد جاءكم النصر، والأقرب أن المراد به العذاب، لأنهم استعجلوا العذاب، فأما الأحكام والفرائض على ما روي عن الضحاك فليس بالوجه، لأنهم لم يستعجلوا ذلك، ولأنهم لم يؤمنوا به فكيف سألوه عن الفرائض.

  ومتى قيل: لِمَ لَمْ يأتهم العذاب ليقطع كلامهم؟

  قلنا: العذاب في حال التكليف مرة يكون صلاحاً ومرة يكون فساداً، ولهذا يجب في فنون مخصوصة كالحدود، وإن كان أكثر منها ما لا حد فيه، والمصالح لا تتغير