التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون 14 وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم وأنهارا وسبلا لعلكم تهتدون 15 وعلامات وبالنجم هم يهتدون 16 أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون 17 وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الله لغفور رحيم 18}

صفحة 4011 - الجزء 6

  والعلامة صورة يعلم بها المعنى من خط أو لفظ أو اشارة أو غيرها.

  · الإعراب: قيل: نصب {وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا} بمحذوف، و [تقديره]: جعل أنهارًا وسبلاً.

  وقوله: {وَأَلقَى} يدل على الحذف. {وَعَلَامَاتٍ} عطف على (سبيل)، ومحله نصب، وتقديره: وجعل فيها علامات.

  ومتى قيل: لم قيل: {كَمَنْ لَا يَخْلُقُ} وما لا يعقل يعبر عنها بـ (ما) كالأوثان ونحوها؟

  فجوابنا: فيه وجهان:

  أحدهما: أنه ذكر الخلق، وهو من فعل العالم.

  وثانيها: أنه على تقدير ما يعقل لعبادتهم له.

  · المعنى: ثم عد تعالى من نعمه وآثار قدرته في البحر عطفاً على ما تقدم، فقال سبحانه: «وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ» أي: ذلّله حتى يصح فيه الركوب والدخول فيه والصيد منه «لِتأكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا» يعني السمك «وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا» يعني أنواع الحلي المستخرج من البحر كاللؤلؤ وغيره، «وَتَرَى» أيها الإنسان «الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ» قيل: قواطع للماء تشقه لحاجتها، عن عكرمة، والفراء، والأخفش، وأبي مسلم.

  وقيل: جواري، عن ابن عباس. وقيل: مقبلة ومدبرة بريح واحدة، عن قتادة، ومقاتل.

  وقيل: مواخر مشحونة، عن الحسن، والأصم. وقيل: صوالح، عن أبي عبيدة.

  «وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ» أي: لتطلبوا من رزقه بركوب البحر طلباً للتجارات والمنافع